خاطر بسلامته وسلامة كلّ طاقم باخرته من أجل الجزائر، حينما لبى نداء حكومته البلغارية لإيصال السلاح إلى المجاهدين الجزائريين بليبيا، هو الربان فاسيل فالتشانوف الذي ألّف كتابا حول مغامرته النضالية بعنوان ”تسليم سري للأسلحة” قدّمته فوزية لارادي نهاية الأسبوع الماضي ضمن برنامج ”أربعاء الكلمة”. في هذا السياق، قالت فوزية لارادي أن فاسيل فالتشانوف، ربان بلغاري قاد في أوّل مهمة له كقائد باخرة، مهمة في غاية الخطورة تتمثّل في نقل أسلحة على باخرة ”بريزا” من بلغاريا إلى ليبيا للمجاهدين الجزائريين وكان عليه أن يتفادى المراقبة الفرنسية اللصيقة لكل باخرة في مياه المتوسط كما كان عليه أن يتم مهمته في سرية تامة حتى على طاقم باخرته. وقالت لارادي أنها قامت رفقة الدبلوماسي كمال بوشامة والمناضل علي هارون، بزيارة إلى بلغاريا بمناسبة مرور خمسين سنة على استقلال الجزائر وهذا بدعوة من جمعية ”الصداقة الجزائرية البلغارية”، والتقت بفاسيل فالتشانوف الذي عبّر لها عن فخره بقيامه بهذه المهمة وكذا باعتزازه برسالة، رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، حينما تلقى نسخة من كتابه، ورد عليه بكل احترام وتقدير. وأضافت فوزية أن فاسيل قال إن ما فعله كان على اقتناع باعتبار أن القضية الجزائرية عادلة وأن البلغاريين أيضا عانوا من هيمنة السلطة العثمانية، وبالتالي يدركون معنى أن يجد صاحب الأرض صعوبات كبيرة في التغلب على المهيمن لأنه لا يملك الأسلحة التي تفي بالغرض، وقالت أن فاسيل يعتبر نفسه مجاهدا ومن بين الأعضاء القدامى لجمعية ”الصداقة الجزائرية البلغارية”، كما أنه لا يعتبر نفسه كاتبا بل راويا لحدث لم يكن من الممكن أن يكتب عنه قبل أن يتغير النظام السياسي البلغاري، حيث أصبح أبناء بلغاريا ينعمون بالحرية، كما زار فاسيل الجزائر بعد الاستقلال وهو مفتخر ببلد قام بثورة عظيمة هزّت العالم. واعتبرت المتحدثة أنه كان يمكن لفاسيل رفض المهمة خاصة وأنه كان معرّضا للسجن مع أعضاء طاقمه، علاوة على خطر تأثر بلغاريا سلبا في علاقتها مع القوى العظمى إلا أنه أبى إلا أن يقود المهمة مجانا، حيث تلقى أمرا من الحكومة البلغارية بنقل السلاح عبر باخرته إلى الجزائريين في عهد الاستعمار، كما أشارت فوزية إلى أن فاسيل تلقى ملفين، واحد رسمي حول مهمة باخرة ”بريزا” وهي نقل معدات الزراعة إلى ألبانيا والثاني حقيقي يتمثل في نقل السلاح إلى الجزائريين. بالمقابل، صدر لفاسيل فالتشانوف كتاب حول مغامرته البحرية وبالخصوص عن نقله للأسلحة إلى الجزائريين، وأرسل نسخة مترجمة إلى رئيس الجمهورية الذي ردّ عليه برسالة جاء في بعضها ”لقد أبديتم مهارة عالية في سرد تفاصيل التكليف الذي صدر إليكم سنة 1960من قبل سلطات بلدكم بصفتكم قائدا لسفينة بريزا، بمهمة سرية وبالغة الحساسية ألا وهي تأمين نقل شحنة من الأسلحة الموجّهة إلى مجاهدي جبهة التحرير الوطني الخاضين حينها لغمار الحرب ضد الاستعمار الفرنسي من”فارنا” إلى طرابلس، وهي المهمة التي أنجزتموها بكل نجاح”. وأعيد إصدار كتابه بالجزائر بدار ”الفيروز” للإنتاج الثقافي سنة 2013، وبدعم من وزارة الثقافة في إطار الاحتفال بخمسينية استقلال الجزائر، وأهدى فاسيل كتابه هذا إلى المجاهدين الجزائريين، كما حمل عدّة صور عنه وعن بعض الأشخاص الذين شاركوا في هذه المهمة وفي مقدّمتهم جورجي نايديونوف، الذي كان منسقا بين أعضاء جبهة التحرير والسلطات البلغارية فكان وراء عملية نقل السلاح على متن الباخرة العتيقة بريزا وبعدها الباخرة الكبيرة والفاخرة بلغاريا. وتطرّق فاسيل في كتابه إلى تفاصيل مغامرته البحرية، حيث تم نقل ألفي طن من الأسلحة من بلغاريا إلى ليبيا، وتحدّث عن مبيت عائلته في السفينة التي تحمل السلاح وهي لا تدري بذلك وكذا خوفه من حدوث انفجار ما من دون قصد يؤدي به وبعائلته إلى الهلاك. وحكى فاسيل كيف أنه أخفى عن طاقمه، هذه القضية إلا لمعاونه خوفا من إصابته بعارض لا يسمح له بأداء مهمته وكذا كيف أنه أخفى عسكريا ألمانيا في سفينته إلى غاية الوصول إلى بر الأمان، إضافة إلى الخوف الشديد من اكتشاف أمر طبيعة ”السلع” الحقيقية من طرف المراقبين في البحر سواء من القوات التركية أو الفرنسية. وأشار فاسيل إلى وصول الباخرة إلى ليبيا وكيف أنه أدى مهمته بنجاح، ليزور الجزائر مرة ثانية بعد الاستقلال على متن باخرة هريستو بوتاف، والتقى بجورجي نايديونوف الذي طلب منه استضافة بعض الشخصيات الجزائرية على مأدبة عشاء –على متن الباخرة- وكان ذلك، فقدم كل من هواري بومدين ومحمد خيضر وغيرهما، وتأسف فاسيل عن عدم حضور بن بلة وقال إنه التقى به لاحقا في بلغاريا. وأكّد فاسيل مشاركة البلغاريين في بناء الدولة الجزائرية بعد الاستقلال وفي شتى المجالات، بعد أن أرسلوا باخرتين تحملان الأسلحة الأولى في ربيع 1960 والثانية شهر نوفمبر 1961، هذه الأخيرة حملت 500 طن من الأسلحة ليعبر في عن فخره الكبير بظفره بميدالية شرفية من رئيس الجمهورية الجزائرية عبد العزيز بوتفليقة.