”الشيخة الطيطمة” فنانة جزائرية، من مواليد سنة 1891 بمدينة تلمسان العريقة، اسمها الحقيقي تيتمة ثابت، بدأت مسيرتها الفنية بنوع بسيط من الغناء تغنيه النساء التلمسانيات اسمه ”الحوفي”، يشبه دندنة المرأة التي تغني لرضيعها حتى ينام، وكلمات هذا النوع من الغناء بسيطة، بالعامية وبقافية. تعد ”طيطمة” من المطربين القلائل الذين تناولوا التراث الأندلسي، الحوزي والعربي على السواء، كما أتقنت العزف على عدة آلات موسيقية، منها العود والكويترة (آلة تشبه الكمان) والكمان. شاركت ”الشيخة” مع الجوق النسوي ”الفوارات” في إحياء سهرات فنية قبل أن تحتك بأسماء كبيرة في عالم موسيقى الحوزي، أمثال الشيخ العربي بن صاري، الشاعر مولاي دريس مدغري والشيخ محمد ديب. ورغم قدراتها في مجال الموسيقى والغناء، كانت ”الشيخة طيطمة” محل انتقادات من قبل أقاربها ووسطها الفني، حيث أجبرت على الهجرة سنة 1914 لمدة خمس سنوات. في المهجر استطاعت الشيخة طيطمة أن تعزز رصيدها الفني من خلال إدخال طبوع موسيقية أخرى، منها المديح، الحوفي والحوزي، وتمكنت من تسجيل حوالي ستين أغنية كتبها شعراء كبار، من بينهم المنداسي، بن سهلة وبن تريكي. سطع نجم الشيخة بفضل صوتها الساحر وإتقانها العزف، إضافة إلى ثقافتها، حيث كانت تجيد اللغة العربية الفصحى، مما ساعدها على سرعة حفظ وإتقان القصائد، كما ساهمت هجرتها إلى المغرب في اكتساب مهارات فنية جديدة. عملت الشيخة طيطمة مع أوركسترا عمر بخشي، وانضم إليها عبد الكريم دالي، وعازف البيانو جيلالي زروقي الذي بقي وفيا لها وصاحبها في كل حفلاتها التي أقامتها في الجزائر، المغرب وفرنسا، وتميز جيلالي زروقي بعزفه وتألقه في الاستخبار بأنماط الزيدان، الموال والسيكا، كما وجد ضالته في صوت الشيخة طيطمة، مما جعلها تقفز قفزة نوعية في فن الحوزي الجديد بقصائد لابن المسايب، اليعقوبي، محمد بن سهلة، بن تريكي وأحمد زنقلي. كما أدت الشيخة طيطمة قصائد ذات طابع أندلسي، خاصة بعد انضمامها إلى أوركسترا سمفونية أوروبية كانت تنشط بمدينة وهران. ولعل أشهر ما غنت الشيخة طيطمة نذكر: استخبار زيدان: ”طال اشتياقي”، خلاص: ”أمشي يارسول”، ”يا مقابل صبريث”، خلاص ديل: ”لقيتها في الطوافي تسعى”، استخبار: ”تحيرت”، ”لمن نشكي بقرحة جمار غزالي”، استخبار: ”صبحت على مايل الخد”، انصراف ماية: ”على من تكون هذي الزيارة ”، خلاص: ”الصباح نشر علامة ”، استخبار: ”واقف أنشوف قدك”، انصراف ديل: ”ملكني الهوى قهرا”. خلاص: ”الله يهديك”. استطاعت الشيخة طيطمة أن تفرض نفسها على الساحة الفنية في عشرينيات القرن الماضي، إذ عرفت شهرة منقطعة النظير وتركت بصمتها جلية في الحوزي، باعتبارها رائدة هذا الفن في الجزائر. وغنت ”طيطمة” في ثنائي مع الفنان عبد الكريم دالي بالجزائر، حيث أقامت عدة سنوات قبل أن تلتحق بتلمسان، ووافتها المنية في 22 أفريل 1962 عن عمر يناهز 71 سنة.