هكذا إذاً وبعد أن وضعت الانتخابات "أوزارها"، برهن الجزائريون أنهم قطعوا دابر المقاطعين، وألجموا أفواه الحاقدين وأعطوا درسا، ككل مرة، للمراهنين على خراب الجزائر ووأد الحياة باسم الديمقراطية المفبركة و«الفوضى الخلاقة" والمصالح الضيقة، ... البارحة لم يعلُ فوق صوت الشعب أي صوت، ولم تكن السيادة الكاملة إلا للمصوتين الذين أرادوا اختيار رئيسهم وهم يرنون نحو مستقبل واعد. لن يستطيع -إذا ظللنا على هذه الحماسة- غلاة السياسة وأبالسة "التخلاط" ولا أذناب الذئاب طريقا لإفساد ربيع الجزائريين الحقيقي، وتعويضه بربيع مفبرك ومصنّع في مخابر التآمر والاستبداد العالمي، ولن يطيقوا تفويت الفرصة على الجزائريين على اختلاف شرائحهم وتوجهاتهم في الحفاظ على "الدار الكبيرة" التي لا تضيق بأبنائها لأنهم يتأكدون مرة أخرى أن الجزائر "عصية عليهم" وليست لقمة سائغة في أفواه الطامعين. ولعل من يرى مشهد الجزائريين وهم يتنافسون في سوق السياسة و«رحبة" الحملات الانتخابية واختلاف الأطروحات والتفسيرات الإعلامية، ليكاد يجزم بأن البلد ليس بخير، وأن الأمور على قرن ثور، لكن العارف بخبايا المجتمع يدرك تمام الإدراك أن غلو أبناء البلد هو ميزة قد لا توجد في غيرها من البلدان، وأن الهدف الأسمى الذي لا يمكن محوه من ضمائر وقلوب الجزائريين هو الوحدة الوطنية ونعمة الأمن والاستقرار. من حق الجزائريين أن يفخروا اليوم بوطنيتهم وطينتهم وتركيبتهم، وتميزهم عن بقية الشعوب، سواء أصابوا أم أخطأوا أو غلوا غلوّاً كبيرا في تجسيد الديمقراطية والتفتح وبناء أمة صامدة في وجه الضائقات الاقتصادية، والفخاخ السياسية، ومن حقهم أن يقولوا ل«المبشرين بالربيع الهدام" أن ربيع الجزائر لم يتزامن مع الفصول الأخرى، وجاء متزامنا مع الربيع الطبيعي الذي لا يمكن لأحد من مخلوقات الكون تغييره، وليس طبعة مستنسخة من مفرغات المخابر العدائية، فالفخر للجزائريين، والكرامة للوطنيين والمجد والخلود للشهداء المستبسلين.