أسدل الستار نهاية الأسبوع المنصرم على تظاهرة ”أيام فن الطبخ والمائدة الجزائرية” التي احتضنها قصر الثقافة ”مفدي زكريا” بالعاصمة، في إطار الاحتفال بشهر التراث، وكانت هذه التظاهرة فرصة لإلقاء الضوء على واحد من أعرق الفنون في مجتمعنا، فكان بهو القصر مسرحا تفاعل على خشبته، ممثلون عن معظم ولايات الوطن، واقتسم دور البطولة فيه الأطباق التقليدية الموروثة عبر سلسلة طويلة من الأجيال وبقيت الأسر محافظة عليها كونها رمزا آخر من رموز الهوية الوطنية. توارثت المائدة الجزائرية عبر الأزمنة، أنواعا متعددة من الأطباق التي تصنف في خانة التقليدية كون أغلبها محضر يدويا من طرف ربات البيوت. ولئن اختلفت تسميات هذا الطبق أو ذاك، فإن وجه الشبه ظاهر للعيان، ولعل الطبق العريق؛ الكسكسي يعتبر أهم وأشهر طبق تتقاسمه ولايات الوطن، غير أن الاختلاف يظهر فقط في طريقة التحضير والتقديم، كما نجد طبق ”الشوربة” الذي لا يختلف كثيرا سوى في التسميات، وهناك الخبز التقليدي أو ”المطلوع” ويسمى كذلك الكسرة، ليس طبقا لكنه من القواسم المشتركة ضمن فن الطبخ التقليدي.. كما توجد هناك الروائح الذكية المنبعثة من الأطباق فور وضعها على الموائد، والتي تجعل الفرد ينساق وراءها كالشخص المُخدَر، وما إن تصل إلى المائدة، حتى تعجبك تلك الألوان المُشكلة لمختلف الأطباق والمقبلات وهي تتراقص على وقع سيمفونية الطبخ التقليدي، ألا يقال بأن العين تأكل قبل البطن أحيانا؟.. بقصر الثقافة وأمام الموائد المرصعة بالأطباق الشهية التي تُعجب العين جُمعت الأطباق على موائد اللمة العائلية مثلما يجب أن تكون. وما زاد من جمالية التظاهرة، تلك الأواني الخشبية والفخارية والنحاسية المصنوعة يدويا، وحتى جلود الماشية المعروفة عندنا باسم ”الهيدورة” الموضوعة على الأرض ليجتمع إليها الجالسون من العائلة، في مشهد كثيرا ما يتكرر في شهر رمضان الفضيل الذي يحب الجزائريون تمضيته وفق العادات المتوارثة، حيث يجتمع أفراد الأسرة حول موائد الشاي والحلويات التقليدية أثناء السهرة الرمضانية، كان هذا ما أعجب إحدى السيدات التي قالت ل”المساء” بأن تظاهرة ”أيام فن الطبخ والمائدة الجزائرية” أحيت لديها ذكريات جميلة من الأيام الخوالي، متمنية ألا تكون آخر تظاهرة، وتتبع بأخرى مماثلة لأكثر من مرة في السنة، بل ذهبت بعيدا حينما طالبت من الجهات المعنية تنظيم صالون مماثل في كل فصل للتعريف بأكلات كل منطقة حسب اختلاف الفصول والمواسم. في وقت قالت آنسة بأنها زارت أيام المائدة الجزائرية منذ البداية، فكانت تظاهرة ناجحة بحق، وأكدت على أنها كغيرها من الزائرات، اقتربت من مختلف العارضات وطلبت وصفات إعداد العديد من الأطباق، حسب كل جهة مشاركة، وهو ما فعلته سيدة أخرى؛ ”هذا سيسمح لي بالتنويع في مائدة رمضان، على الأقل ستكون أطباقا من عمق تقاليدنا وليس من الوصفات الدخيلة التي نلجأ إلى كتابتها من قنوات فضائية لمجتمعات أخرى”، تقول المتحدثة. وفي صورة جميلة تعكس مدى شغف العديدر برافد من روافد التراث الوطني، فإن العديد من زوار قصر الثقافة يوم اختتام تظاهرة الفن التقليدي، حضروا إلى المكان قبيل وضع الأطباق التقليدية على الموائد، والتي تهافت البعض عليها يومها للتذوق، خاصة أن ولايات الجزائر، البليدة وتيزي وزو كانت سيدة العرض يومها، فراح البعض يتذوق من أطباق منطقة الوسط وكان الكسكسي سيد الموقف، إلى جانبه ”الرشتة” و«البركوكس” وطبق ”البسيبسة البليدي”، دون نسيان الحلويات التقليدية ك«المقروط” و«البراج” و«الطمينة” و«الخفاف” وغيرها. كما لم يتوان بعض الزوار عن التقاط الصور في القصر، خاصة أمام أجنحة الصناعات التقليدية، فيما اهتمت أخريات بأخذ البطاقات الخاصة بالعارضات في صورة لفتح علاقات الصداقة بين مناطق الوطن..