وضع سياسي جديد ميز اللقاءات الثامنة للجزائر التي عقدت أول أمس، بباريس، وذلك بالنسبة للبلدين اللذين عرفا تغييرا حكوميا في الأيام الأخيرة، وهو ما جعل الحاضرين في هذا الموعد الاقتصادي يجمعون على "استثنائية" اللقاء، وكذا أهميته لمستقبل العلاقات الثنائية في المجال الاقتصادي بالخصوص. فرئيس الوكالة الفرنسية للتطوير الدولي للمؤسسات (يوبيفرانس)، جان بول باكي، المنظمة لهذه اللقاءات بمجلس الشيوخ الفرنسي، أكد استثنائيتها "لأنها جاءت بضعة أسابيع بعد التغيرات السياسية الأخيرة التي شهدتها كل من فرنساوالجزائر". واعتبر أن تغير الحكومات على وجه عام يأتي بتصور "جديد نوعا ما" حول العلاقات الدبلوماسية، خاصة العلاقات الاقتصادية التي يمكن إقامتها بين البلدين، مؤكدا أن "اهتمام الوكالة الفرنسية للتطوير الدولي للمؤسسات شيء مؤكد بحيث أنها تخصص للجزائر جزء كبيرا من نشاطاتها". وأضاف المسؤول أن الأمر يتعلق من خلال لقاءات الجزائر 2014 بالخروج ب«أرضية حقيقية" لمبادلات واعدة لمستقبل الشراكة الجزائرية-الفرنسية . وفي مداخلته بهذه المناسبة، سجل سفير الجزائربفرنسا، عمار بن جامع، أن هذا اللقاء يأتي في الوقت الذي عاشت فيه الجزائر "لحظة قوية" من حياتها السياسية بتنظيم انتخابات رئاسية اختار عقبها أغلبية الجزائريين "الاستقرار السياسي". وبعد أن أعرب عن ارتياحه للتوافق السياسي الذي لم يشهده البلدان منذ سنتين، أشار السفير، مضيفا إلى أن المشاكل التي كانت بين البلدين "تراجعت بشكل كبير". وقال إن ذلك سمح بتعميق وتوسيع العلاقات التجارية خصوصا الاقتصادية بين باريسوالجزائر، مضيفا أنه لا يمكن إقامة هذه العلاقات سوى في إطار "المنفعة المتبادلة". وعبّر عن اقتناعه بأن المشكل الوحيد في هذه العلاقة هو أن الجزائر كانت تجهل طريقة استقطاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الفرنسية، مستنتجا بأن عدد المؤسسات التي تنشط بها "قليل". وبالنسبة لرئيس الوزراء الفرنسي السابق، جون بيار رافاران، والذي يوصف بأنه "رجل العلاقات الاقتصادية بين الجزائروفرنسا" بالنظر إلى تحمّله لملف هذه العلاقات منذ عهد الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، فإن التقارب السياسي والاقتصادي بين فرنساوالجزائر، و«ميل" دبلوماسية بلده باتجاه هذا التقارب أمر واقع. وأشار الوزير الأول الفرنسي السابق، إلى أن لقاءات الجزائر الثامنة تأتي في "ظروف حسنة"، وشهرا بعد تنظيم الانتخابات الرئاسية في الجزائر، التي أبقت على الرئيس بوتفليقة، في مهامه"، معتبرا أن الفترة سانحة لعقد ملتقى كهذا. واعتبر أن هناك مناخا مشجعا "ليس فقط لأن هناك توافقا بين الطرفين في المجال السياسي حاليا"، ولكن لعوامل جيوسياسية، إذ شدد في هذا الإطار قائلا "نرى أيضا مصلحتنا في التقرب من الجزائر أكثر فأكثر". في نفس الاتجاه، جاءت تصريحات رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي، جان-بيار بيل، الذي قال إن الجزائر ليست فقط سوقا اقتصادية واعدة بل إنها "قوة مستقبلية"، و«شريك أساسي" بالنسبة لفرنسا. وإذ وصف ب« المثمر" اختيار الجزائر لعقد أول لقاء بين المجلس واوبيفرانس، فإنه اعتبر أن هذا اليوم للتبادل بين المتعاملين الاقتصاديين والمؤسساتيين الجزائريين والفرنسيين يندرج في ظرف يتميز ب«حركية خاصة" في العلاقات بين البلدين. ويرى المسؤول الفرنسي أن " المؤهلات" العديدة التي تزخر بها الجزائر، توفر لها القدرة على ضمان استثمارات جديدة لتصبح "قطبا للتنمية" بالنسبة لمجموع المنطقة المتوسطية. للإشارة اختتم هذا الملتقى بتقديم شهادات لفاعلين اقتصاديين و سياسيين ومؤسساتيين من كلا البلدين حول التطور الأخير الذي شهدته السوق الجزائرية والفرص الممنوحة للمؤسسات الفرنسية. وتمثلت أهم المحاور التي تطرق لها نحو أربعين متعاملا اقتصاديا من البلدين في الوضعية والآفاق الاقتصادية بالبلدين، والتطورات الأخيرة لمناخ الأعمال في الجزائر، والشراكات الفرنسية-الجزائرية (من الاتفاق التجاري إلى الشراكة الصناعية)، والجزائر سوق بالنسبة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.