أكد الوزير الأول السيد عبد المالك سلال أمس، أن مسار الإصلاحات الهيكلية في الجزائر تَواصل وتعمّق منذ 1999 بفضل سياسة الوئام والمصالحة الوطنية وإعادة الاعتبار لدور الدولة وتحديث الاقتصاد. وأشار إلى أن الانتخابات الرئاسية الأخيرة شكلت محطة نوعية في تعميق الممارسة الديمقراطية وتعزيز دولة الحق والقانون، مبرزا أهمية البرنامج الذي ستعمل الحكومة على تجسيده خلال الخماسي الجاري؛ من أجل تعزيز الإنجازات الكبرى المحققة خلال ال15 سنة الأخيرة. وأوضح السيد سلال في كلمة ألقاها باسم رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في افتتاح الندوة الوزارية لحركة عدم الانحياز، أن الحديث عن الإصلاحات العميقة التي تواصل الجزائر تجسيدها على أرض الواقع، يُعد دليلا على أهمية وحجم سياسات التجديد والتكييف التي تخوض غمارها البلدان المنتسبة لحركة عدم الانحياز، والتي تُعتبر الجزائر التي شاركت في تأسيسها، عضوا نشيطا وفاعلا فيها، وإحدى أبرز الدول التي وضعت مبادئ وأهداف هذه الحركة، لاسيما خلال احتضانها للمؤتمر الرابع في سبتمبر 1973، الذي تبلورت خلاله الأفكار البارزة للحركة من أجل إعادة رسم العلاقات الدولية على أساس نظام دولي جديد، وتدعيم التعاون جنوب جنوب وكذا ترقية الحوار بين الشمال والجنوب على أساس العدل والمساواة في المصالح. وفي سياق متصل، أشار الوزير الأول إلى أن الجزائر شهدت على امتداد السنوات الأخيرة، تحولات معتبرة، واجتازت محطات دقيقة في مسارها السياسي والاقتصادي، موضحا أن الإصلاحات الهيكلية التي باشرتها منذ 1988 من أجل تقويم منظومة حكمها باعتماد التعددية السياسية واقتصاد السوق، والتي تَعطّل تطورها خلال التسعينيات بسبب الإرهاب المدمر والهمجي، تواصلت وتعمقت منذ 1999 بفضل سياسة الوئام والمصالحة الوطنية ورد الاعتبار لدور الدولة وتحديث الاقتصاد. وأبرز السيد سلال أهمية الانتخابات الرئاسية التي عرفتها الجزائر في 17 أفريل الأخير، ضمن مسار تعميق الإصلاحات السياسية، مؤكدا أن هذه الانتخابات التي تمت بحضور مراقبين أجانب من عدة دول، شكلت محطة نوعية جديدة في تعميق الممارسة الديمقراطية وتعزيز دولة الحق والقانون. وفي سياق تأكيده على التزام الجزائر بمواصلة وتثمين المسار الإصلاحي الذي باشرته خلال السنوات الأخيرة، ذكر الوزير الأول أن الحكومة التي تم تعيينها في مطلع شهر ماي الجاري بعد هذا الاستحقاق الانتخابي، ستعمل على تنفيذ خارطة الطريق التي تلقتها من رئيس الجمهورية، والتي حددت المعالم لمخطط عمل ذي بعدين سياسي واجتماعي اقتصادي. وتطرق المتحدث إلى المحاور الكبرى لمخطط الحكومة، الذي يُرتقب أن يتم عرضه خلال الأسبوع القادم أمام البرلمان، قائلا في هذا الصدد: “إن خارطة الطريق هذه تبرز في المقام الأول أولوية إصلاح الدستور الذي سيشرك فيه من منطلق روح توافقية، كافة الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية والفاعلون في المجتمع المدني”. وأوضح أن “المتوخَّى من هذه العملية هو ترقية الديمقراطية التشاركية، وتعزيز الحقوق والحريات الفردية والجماعية، وتعميق الفصل بين السلطات، وتقوية استقلال القضاء وتدعيم صلاحيات البرلمان ودوره وتأكيد مكانة المعارضة وحقوقها”. كما أشار إلى أن المخطط يتضمن أيضا مواصلة السلطات العمومية جهودها في تنفيذ إجراءات تحسين ملموسة لممارسات الحكم الراشد، لا سيما من خلال محاربة الفساد والحفاظ على المال العام، وترشيد النفقات العمومية وتحسين الخدمة العمومية، فضلا عن إقراره لآلية الإنعاش الاقتصادي المرجو، والتي يُرجى منها، على حد تأكيده، “تنويع الاقتصاد الوطني، وجعله أكثر إنتاجية وأكثر تنافسية مع تحديد نسبة نمو قدرها 7 بالمائة سنويا مماثلة لنسبة نمو الدول الصاعدة”. وإذ أكد أن هذا المخطط الحكومي الطموح سيعزّز الإنجازات الكبرى المحققة في الجزائر خلال السنوات ال15 الأخيرة، ولاسيما في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وبناء المنشآت وتأهيل الجهاز الإنتاجي، شدد السيد سلال وهو يخاطب الحضور في مؤتمر دول عدم الانحياز، على أن الإصلاحات لا يمكن أن تبلغ مبلغها وتجنى ثمارها دون توفر شروط الاستقرار والأمن الدائمين، من أجل تأمين التنمية ورفع التحديات والتهديدات التي ماتزال تلقي بظلالها على العلاقات الدولية.