قال الشاعر والروائي فيصل الأحمر بأنّ ديوانه الأخير «مجنون وسيلة» كتبه عن زوجته، ويضمّ مجموعة قصائد كتبها في الفترة الممتدة بين عامي 1998 و2013، مضيفا أنّ ديوانه هذا ليس هدية غزل بقدر ما هو مؤلّف يحمل مثل أي نظير له مسؤولية تاريخية. اعتبر الشاعر في لقاء «صدى الأقلام» الذي استضافته أوّل أمس بالمسرح الوطني الجزائري، أنّ الكتاب مهم يستطيع أن يغيّر من مجرى الحياة، كما يحمل المؤلف مسؤولية إصدار أي كتاب، ليتساءل عن معنى الاستخفاف بالتعبير عن الحب والصداقة في الجزائر وعن صمتنا أمام مشاعرنا، حتى أن ّالحبيب يمتنع من ذكر اسم حبيبته أمام الملأ. واستغرب الشاعر ردود أفعال أصدقائه عبر «الفايسبوك» حينما كتب إهداء مليئا بالحب لزوجته، وقدّم مثالا عن صديقة كتبت أنها سعيدة بقراءة غزل رجل لحبيبته في الجزائر، ليضيف أنه على الجزائري أن يعبر عن حبه ولا يضع نفسه في شرنقة المحرّمات والممنوعات الكثيرة التي لا معنى لها. واعتبر فيصل أنّ الجزائري أصبح يلجأ إلى دول أخرى بهدف السياحة رغم جمال الجزائر، فقط للبحث عن نوعية الحياة غير الموجودة في بلده، ليطالب بالمزيد من العمل على صفاء الذات أولا، و«أن نبتعد عن الماديات لأنّنا نشارك كلنا في بناء المجتمع»، ليضيف أنّ أهم ما يحقّقه الإنسان في حياته هو مشاركة الآخر حميميته ويعيش صدى اهتمامه بالآخر، والعكس صحيح. كما أشار فيصل إلى أنّ حبه للحرف يعود إلى الصغر، مضيفا أنّه يقرأ عدّة كتب في نفس الوقت، فاتحا ورشة للقراءة لا تنتهي فصولها، وهذا الأمر لا يختلف مع الكتابة، حيث أنّه بصدد كتابة روايتين في آن واحد. أمّا ارتباطه الوثيق بالشعر، فهو حسبه نتيجة ضربة حظ، حيث بدأ كشاعر سيئ حينما كتب أوّل قصيدة ونشرها في جريدة ليصبح بعد الجهد والزمن شاعرا يحصد جوائز وطنية وعربية، من بينها جائزة «علي معاشي»، جائزة «سعاد الصباح» وجائزة «مفدي زكريا»، وتوقّف الشاعر عند محطة الشعر، فقال بأنّنا جميعنا نعيش حالات شعرية من فرح وقلق وغيرها من الأحاسيس، إلاّ أنّ البعض فقط يترجمها إلى قصيدة، مضيفا أنه لا يوجد أي معيار يثبت أنّ شخصا معينا يكتب الشعر سيتحول إلى شاعر مرموق. ديوانه الأخير «مجنون وسيلة»، يضمّ مجموعة من القصائد كتبها فيصل قبل وبعد زواجه واستثنى منها قصيدتين لم تبلغا مستوى القصائد الأخرى، وتحدّث في المقابل عن كتاباته في مجال الخيال العلمي وتعلقه بهذا المجال من الكتابة. وفي هذا السياق، كتب فيصل رواية «أمين العلواني» وهي عن كاتب يجد مؤلفا كُتب عنه من طرف فيصل الأحمر منذ سنوات طويلة، فيكتب كتابا آخر عن فيصل لتظهر شخصية ثالثة هي لكاتب أيضا يكتب عن أمين وفيصل معا، ليضيف أنه كتب في جريدة ثقافية صدرت من سنة 1996 إلى عام 1998 عن الخيال العلمي. أمّا روايته الثانية «ساعة حرب، ساعة حب» فكتبها عن الشاعر والأكاديمي عيسى لحيلح، حيث تناول فيها على شاكلة تحقيق صحفي، شخصية مثقف يتّخذ من السلاح سبيلا للتعريف برأيه، مضيفا أنّه التقى بلحيلح قبل أن يصدر روايته وعرض عليه أن يقرأها ففعل ولم يرق له العمل، حيث اعتبر أنّه تضمن أحكاما قاسية. واعتبر فيصل أنّ الكاتب يجب أن يتميّز بخصلة الفضول ويغذي حواسه حتى يعبّر بشكل جيد، وهو ما أرجعه الكاتب إلى معيار النجاح الذي يفوق أهمية القراءة لديه، كما أراد من خلال روايته الأخيرة أن يصوّر وضع الجزائر في تلك الفترة، مع التأكيد على التناقضات التي تصاحب الإنسان. أما عن واقع الشعر في الجزائر، فأشار فيصل إلى أنّ النصوص الشعرية المتداولة في الجزائر جيدة جدا مقارنة بما يكتب في المحيط العربي، إلاّ أنّ تسويقها سيئ جدا، ليدعو الإعلام، خاصة المرئي منه، إلى التعريف بالشعراء واهتمام المدرسة من الابتدائي إلى الجامعي بالثقافة والفن.