تعيش بلدية سكيكدة التي تعد من بين أغنى بلديات الوطن وضعا لا يمكن وصفه إلا بالغريب والاستثنائي، فرغم البحبوحة المالية التي توجد عليها هذه البلدية الساحلية إلا أن العجلة التنموية بها تمشي بخطى السلحفاة، ما أثر سلبا على الواقع التنموي، خاصة ما تعلق بالبناءات الهشة المقدر عددها حسب التقرير الأخير للمجلس الشعبي الولائي ب5619 مسكن هش والأكواخ القصديرية التي تحاصر أحياء بوعباز، برج أحمام، صالح بو الكروة، بحيرة الطيور، ابن حورية، عيسى بوكرمة وغيرها والمقدر عددها بأكثر من 20 ألف كوخ قصديري، حيث عجزت كل المجالس التي تعاقبت على تسيير البلدية عن حل هذا المشكل، كما لا تبعث الأحياء الجديدة الموزعة بالمدينة على الارتياح بسبب الغياب شبه الكلي لمظاهر التمدن والتحضر. الجولة التي قمنا بها لجل أحياء سكيكدة الجديدة منها والقديمة، بما في ذلك المتواجدة بوسط المدينة إلى غاية حي الهواء الطلق، جعلتنا نكتشف وضعيتها المتردية بسبب غياب التحسين الحضري وعدم تهيئة الطرق المهترئة وتراكم القاذورات وانتشار الروائح الكريهة وضعف الإنارة العمومية وانعدام الأرصفة والمساحات الخضراء وتسرب للمياه الراكدة داخل أقبية العمارات، ما أثر سلبا على المواطن إلى درجة أن جوهرة الشرق وعاصمة الجمال وعاشقة البحر لم تعد كذلك بعد أن أفقدها منتخبوها تلك الصورة الجمالية التي كانت تتمتع بها حقبة من الزمن.
مدينة واسعة تفتقر إلى مخطط للنقل وإذا كان هذا حال بلدية سكيكدة بأحيائها الفوضوية فإنها أيضا تكاد تكون المدينة الوحيدة على مستوى القطر الوطني التي لا تملك مخططا حقيقيا للنقل، خاصة داخل نسيجها العمراني مما خلق فوضى حقيقية وعسر التنقل بواسطة مختلف المركبات، لاسيما عند ساعات الذروة، حيث زاد عدم احترام قانون السير الأمر سوءا، كما تحولت كل الأرصفة إلى حظائر غير قانونية وتحت رحمة عصابات تفرض قانونها على أصحاب المركبات بالقوة، ومن مشاهد فوضى النقل بسكيكدة تحول مدخل وسط المدينة المعروف بباب قسنطينة إلى مواقف لمختلف حافلات النقل الجماعي، مما ساهم في عرقلة حركة السير ناهيك عن الخطر الذي تشكله على الطلبة والتلاميذ كونها تتواجد بالقرب من ثانويتين ومتوسطة..
دار لقمان على حالها وإذا كان مسؤولو بلدية سكيكدة قد سبق وأن صرحوا لنا منذ أكثر من سنة أنه تم تخصيص مبلغ مالي إجمالي يقدر ب 124 مليار سنتيم ستوجه لأشغال التحسين الحضري الشامل، الذي سيمس كلا من أحياء الإخوة بوحجة وهضبة صالح بو الكروة أو كما تعرف بحي الزرامنة والإخوة عياشي والإخوة ساكر، إضافة إلى منطقة سيدي أحمد حيث ستمس الأشغال عمليات تجديد الإنارة العمومية وإصلاح وتعبيد الطرقات الرئيسية منها والفرعية وإنجاز المساحات الخضراء ومساحات اللعب وتبليط الأرصفة وتجديد قنوات الصرف، فإن المواطن بسكيكدة لم يلمس أي تغيير في الميدان وتبقى دار لقمان على حالها، خاصة أن المسؤولين أكدوا في وقت سابق أن أكبر مبلغ مالي رصد لحي الإخوة بوحجة ب39 مليار سنتيم تليه هضبة صالح بوالكرة المعروفة بحي الزرامنة ب37 مليار سنتيم وبعدها منطقة سيدي أحمد ب 32 مليار سنتيم، ناهيك عن المشاريع الأخرى التي هي قيد الدراسة أو قيد المصادقة عليها من قبل المصالح التقنية المختصة وتخص أشغال التهيئة والتحسين الحضري بكل من المفرزة الاجتماعية وادي الوحش ومفرزة بولقرود2، زيادة إلى مشاريع الدراسات التي هي قيد الإعداد والتي تخص أحياء السكن التطوري صالح بوالكروة الذي استفاد من تهيئة عامة والزفزاف من خلال إعادة تهيئة المقبرة القديمة وكذا القيام بدراسة تخص المقبرة الجديدة بذات المكان والمتربعة على مساحة تقدر ب 34 هكتارا. وفي هذا الصدد، أشار السيد فوزي بن حسين والي سكيكدة عند إشرافه على مراسيم تنصيب مير سكيكدة الجديد السيد كمال طبوش الأسبوع الأخير، إلى التأخر غير المسبوق للعملية التنموية، حيث أنه من أصل 12.7 مليار دينار بعنوان ميزانية التجهيز لم يستهلك منه إلى غاية 25 /05 /2014 سوى 0.8 مليار دينار أي بنسبة استهلاك تقدر ب6.25 بالمائة، كما لم ينطلق 108 مشروع مقابل 94 فقط هي مشاريع قيد الإنجاز، مرجعا ذلك إلى الغياب الكامل لرؤية واضحة واستراتيجية شاملة للنهوض بأوضاع البلدية على جميع الأصعدة، وكذا انعدام كلي للمتابعة الصارمة لوضعية تلك المشاريع التي أصبحت محل إهمال وتسيب لا يمكن قبوله، كما قال. وما زاد الطين بلة، كما أشار والي سكيكدة، غياب التواصل الفعال مع المجتمع المدني وعدم الإصغاء الجاد لانشغالات المواطنين وتحقيق حلمه في عودة البريق لمدينته.