يُبذل بتلمسان جهد جهيد لترميم وتهيئة المواقع والمعالم الأثرية في مختلف بلديات وقرى الولاية ومع ذلك فإن اللجنة التي كانت تشرف على هذه العمليات غفلت عن أحد أهم المعالم على المستوى الولائي والوطني وهو المسجد العتيق «مولاي إدريس» ببلدية تيانت، الذي يتجاوز عمره ال 950 سنة، فهو التحفة التاريخية التي ظلّت منسية إلى اليوم دون أن يلتفت إليها أحد. حرم هذا المعلم من الترميم ومن أي اهتمام ومن أية زيارة من لدن القائمين على الشؤون الثقافية والدينية، والاهتمام الوحيد كان من شلة من المواطنين لا يتجاوز عددهم عشرة أشخاص يحرصون على بقائه منتصبا ويلتزمون برفع الآذان من على منارته ويحاولون بعث أشغال بسيطة لم تغيّر من الواقع المر شيئا، إذ يعاني المسجد من عزوف أغلبية المصلين بحكم تواجده بمنطقة تيانت القديمة التي هجرها السكان إلى المدينة الجديدة؛ تاركين منازلهم القديمة الهشة التي سكنها الغرباء. يحتوي المسجد الذي زارته «المساء» مؤخّرا، على باب خشبي متين جدا وصلب رغم قدمه، وبداخله توجد مساحة مخصّصة للمصلين، كما يحوي المسجد مشكاتين واحدة كبيرة والأخرى صغيرة مختلفتين كانتا تستعملان للإنارة ولازالتا تشتغلان لحدّ اليوم، يوجد أيضا ساحة كبيرة مفتوحة على الهواء الطلق بمقصورة صغيرة كانت تستعمل فيما مضى للصلاة في أوقات الحرّ الشديد. ولعل من أثمن ما يحويه المسجد العتيق والذي يستحق الترميم العاجل، مصحفين مكتوبين بخط اليد يمتد عمرهما لقرون يشهدان على عراقة المسجد الذي تتلمذ فيه فقهاء وأئمة أصبحوا من العلماء العارفين منهم مثلا الشيخ السي برابح (السواحلية) والسي أحمد بودخيلي (مغنية) والسي بوجنان والسي عبد القادر بن رحو (الغزوات) وآخرون كثيرون، أما علماء الزمن القديم فلا أثر لهم اليوم. ينقص هذا المسجد أيضا الاهتمام العلمي فلا دراسة تطرّقت له رغم أهميته التاريخية ولا توجد أية زيارات له لتبقى بركة مؤسسيه الأوائل المنتمون نسبا لسلالة الرسول الأعظم (معلومات شحيحة عنهم). المعْلم مازال يعتريه الشموخ رغم الإهمال، علما أن رئيس البلدية قام بمراسلات رسمية لمديرية الشؤون الدينية بتلمسان لأجل إنقاذ هذا الصرح الديني التاريخي النادر شارحا وضعيته المزرية لكن لم يتلق أيّ إجابة. للإشارة، فإن مديريتي الثقافة والشؤون الدينية صرحتا، مؤخرا، أنّهما اكتشفتا المعلم التاريخي في إطار التحضير لتظاهرة «تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية عام 2011» وهو التصريح الذي لم يستسغه المجتمع المدني ببلدية تيانت خاصة، عند استعمال كلمة «اكتشاف» ذلك أن المعْلم موجود منذ عهود طويلة وكل السكان يعرفونه ويشاهدونه يوميا، وبعضهم يصلي فيه، ومن كل هذا يطالب المواطنون على مستوى الدائرة من المعنيين ترميم المسجد كأضعف الإيمان، لأنه يشمل جزءا من تاريخ المنطقة الذي يعتبر جزءا من تاريخ الأمة الجزائرية.