يزداد الوضع الأمني في العراق، تدهورا خطيرا قابله عدم قدرة القوات النظامية على مواجهة المسلحين خاصة المنتمين منهم إلى ما يعرف بتنظيم "داعش" الذي صعّد من عملياته الهجومية في مختلف مناطق البلاد. ومن الرمادي عاصمة محافظة الانبار ومدينة الفلوجة بغرب البلاد، إلى الموصل كبرى مدن شمال البلاد وجدت القوات العراقية نفسها في مأزق حقيقي في ظل تصاعد وتيرة الهجمات المسلحة التي يشنها المسلحون الموالون لتنظيم القاعدة العالمي. وسقط أمس، 59 قتيلا من بينهم 21 شرطيا و38 مسلحا في ثاني يوم من المواجهات المسلحة التي نشبت بين القوات الأمنية ومسلحي الدولة الإسلامية في العراق والشام بمدينة الموصل. وكان أكثر من 30 قتيلا سقطوا أول أمس، مع اندلاع هذه المواجهات التي صاحبتها عمليات قصف على أحياء بالمدينة استمرت طيلة ليلة الجمعة إلى السبت. وإذا كانت القوات العراقية لم تتمكن من القضاء على المسلحين بالموصل فإنها تفاجأت فجر أمس، بعملية اقتحام عنيفة نفذها مسلحو "داعش" ضد جامعة الرمادي، أين احتجزوا مئات الطلبة والأساتذة داخل الحرم الجامعي. وهو ما اضطر قوات النخبة العراقية للتدخل من اجل تحرير الرهائن ومقر الجامعة الذي شهد مواجهات عنيفة بين الجانبين من دون أن ترد أية معلومات حول حصيلة هذه العملية. وقال مصدر أمني لم يكشف عن هويته أن المسلحين أقدموا على تفجير الجسر المؤدي إلى الجامعة قبل اغتيال حراسها وقبل أن يقتحموها ويسارعوا إلى احتجاز أكبر عدد ممكن من الطلبة والأساتذة. ورغم تمكن ألف طالب من الفرار بمساعدة القوات الأمنية فإن عددا كبيرا من الطلبة لم يتمكنوا من الفرار وبقوا في قبضة المسلحين. وطوقت قوات الأمن محيط الجامعة قبل أن تفتح نيران أسلحتها على المهاجمين الذين تجاوز عددهم ثلاثين عنصرا معظمهم كانوا يرتدون أحزمة ناسفة ويقومون بدوريات على أسطح الجامعة ببنادق قنص. وتعيش مدينة الرمادي عاصمة محافظة الانبار منذ شهر ديسمبر الماضي، على وقع مواجهات ومعارك مستمرة بين القوات العراقية والمسلحين المنتمين لتنظيم "داعش" الذي يسعى لإقامة دولة إسلامية في العراق، وتمكن من فرض سيطرته على مناطق شاسعة من المدينة ومحافظة الانبار، في نفس الوقت الذي أعلن فيه مدينة الفلوجة الواقعة إلى غرب العراق منطقة منفصلة عن السلطة المركزية في بغداد. وتسبب استمرار المعارك في محافظة الانبار القريبة من الحدود مع سوريا، في فرار أكثر من 480 ألف عراقي باتجاه المناطق الأقل توترا. وقال أدريان أدواردس، المتحدث باسم المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة "أن الحكومة العراقية أكدت نزوح ما لا يقل عن 443 ألف شخص من محافظة الانبار منذ شهر جانفي الماضي، غير أن الإحصائيات الأممية تشير إلى أن عدد النازحين يقترب من 480 ألف شخص". ويشهد العراق أسوأ أعمال عنف منذ سنين، حيث شنّ المسلحون ثلاث عمليات كبرى خلال الأيام الثلاثة الماضية في ثلاث محافظات أسفرت عن مقتل حوالي مئة شخص. وأرجعت الحكومة العراقية سبب التدهور الخطير في الوضع الأمني إلى تبعات الحرب الجارية في سوريا، واتهمت مجموعات مسلحة باستغلالها لضرب أمن واستقرار العراق. غير أن محللين ومتتبعين محليين حمّلوا حكومة نوري المالكي، مسؤولية تفجّر الموجة الجديدة من العنف في العراق، بسبب اعتماده لأسلوب المحاصصة الطائفية التي جعلت الأقلية السنّية تشعر بالتهميش في ظل حكم الشيعة.