أوضح السيد محمد بن ميرادي المدير العام للأملاك الوطنية بوزارة المالية أمس أن التعديلات الجديدة التي أدخلت على القانون 30/90المتعلق بقانون الأملاك الوطنية، تهدف إلى تسهيل الاستثمار الخاص القائم على أملاك تابعة للدولة، خاصة في مجال الحصول على تمويل المشاريع من قبل البنوك، ونفى من جانب آخر أن تكون الدولة هي المسبب لمشاكل العقار الاقتصادي المطروحة في وجه تنمية الاستثمار، داعيا في هذا الإطار إلى ضرورة إيجاد صيغ للضغط على الخواص، لدفعهم إلى بيع أراضيهم من أجل الصالح العام للبلاد. وأشار المتحدث خلال ندوة صحفية نشطها أمس بمقر وزارة المالية، وخصصت لشرح جديد القانون المتعلق بالأملاك الوطنية إلى أن أهم التعديلات التي أسفرت عنها عملية المعاينة المعمقة لهذا القانون من أجل تحيينه وتكييفه وفق التطورات التي عرفتها المنظومة التشريعية في السنوات الأخيرة وكذا متطلبات الاقتصاد الوطني، ترمي بالأساس إلى تحديد مدة التنازل عن الأراضي التابعة للدولة للاستثمار الخاص لمدة محددة ب65 سنة، مع دعم المستفيد بوثائق تسمح بتمليكه الأراضي الوطنية خلال المدة المتفق عليها وبالتالي تسهيل حصوله على قروض لتمويل مشاريعه والاستفادة من مرافقة البنوك والمؤسسات المالية. كما شمل جديد القانون التعريف بمعنى الامتياز وتصنيف الأراضي الصحراوية في خانة الأراضي التابعة للدولة، ودعم أعوان الدولة بإجراءات وصلاحيات أكبر تسمح لهم بالتحرك في إطار مهام مراقبة وحماية الأملاك الوطنية. على صعيد آخر أكد السيد بن ميرادي أن إرساء سوق للعقار الاقتصادي في الجزائر، يستدعي إسهام المالكين الخواص للأراضي، وحملهم على بيع أراضيهم لفائدة مشاريع استثمارية ذات منفعة اقتصادية، مقترحا في هذا السياق وضع إجراءات للضغط على هؤلاء لا سيما من خلال الجباية والرسم على العقار. وحرص المتحدث على تفنيد الطرح القائل بأن الدولة تمثل الطرف الأساسي في مشكل العقار الاقتصادي الذي لا زال يعترض تنمية المشاريع الاستثمارية في الجزائر، مشيرا إلى أن الدولة ليست وحدها المالكة للعقارات وإنما الطرف الرئيسي في هذا الإشكال هم الخواص الذين يمتنعون عن بيع أراضيهم تجنبا للأسعار المتواضعة والمعقولة التي تقترحها الدولة. وذكر في هذا الصدد بأن الدولة خصصت نحو 12 ألف هكتار من الأراضي للمناطق الصناعية، و10 ألاف هكتار أخرى لتنمية مناطق النشاط عبر مختلف جهات الوطن، في حين بلغ إجمالي مساحة الأراضي التي تم سحبها من مديرية أملاك الدولة لفائدة الاستثمار منذ 1970 أزيد من 100 ألف هكتار، وقد اضطرت الدولة لانجاز بعض المشاريع الاجتماعية على غرار الثانويات إلى شراء الأراضي لدى الخواص. من جانب آخر أبرز المدير العام للأملاك الوطنية الجهود الجبارة التي بذلتها مصالح المديرية منذ 20 سنة من أجل التوصل إلى إصدار الأمر رقم 06/11 في 30 أوت 2006 والذي ينص على بيع الأراضي الوطنية بالمزاد العلني، حتى تحقق سعرها الحقيقي في السوق، مشيرا إلى أنه بموجب هذا الأمر تم بيع 7 قطع أرضية من ضمن 11 قطعة معروضة للبيع على مستوى 5 ولايات شمالية (الجزائر، البليدة، وهران، قسنطينة وعنابة). كما استرجعت المديرية 300 هكتار من الأراضي جراء عملية غلق 800 مؤسسة، وتتطلع إلى استرجاع المزيد من المساحات المجمدة، لا سيما وأن وزير الصناعة وترقية والاستثمار السيد حميد طمار سبق وأن قدر الفائض غير المستغل ب15 ألف هكتار. وتطرق المسؤول على صعيد آخر إلى المشاريع المدرجة في إطار مهام المسح التي تقوم بها إدارة مسح الأراضي، حيث يرتقب بداية من سبتمبر بعث عملية مسح 220 ألف هكتار من الأراضي الوطنية على امتداد سنتين، مع توقع إنهاء عملية مسح 40 هكتار في ديسمبر القادم. وكانت الإدارة المذكورة قد سطرت في السنوات الأخيرة، برنامجا يهدف إلى مسح 12 مليون هكتار بلغ مستوى تطبيقه نهاية 2007، إلى نحو 75 بالمائة بالنسبة للأراضي الريفية، وأقل من 50 بالمائة على مستوى الأراضي الحضرية. أما العملية الثانية المقرر بعثها في سبتمبر المقبل فتشمل التحقيق المعمق مع المعنيين بإجراء معاينة الملكية ومنح العقود في إطار قانون نزع الملكية لحساب المنفعة العامة، وقد تم في هذا السياق تكوين 350 محققا عقاريا سيباشرون عملهم في سبتمبر على مستوى مواقع المشاريع الهيكلية الكبرى على غرار مشروع الطريق السيار شرق- غرب، وذلك بغرض تحديد أحقية المالكين الذين لا يتوفرون على عقود في التعويض. وفي سياق متصل أوضح السيد بن ميرادي أن 80 بالمائة من المعنيين بإجراء نزع الملكية قبلوا التعويض بالتراضي فيما تم تسجيل أن غالبية الاحتجاجات لا تخص قيمة التعويض بقدر ما تتعلق بإجراءات التطبيق. تجدر الإشارة في الأخير إلى أن القانون 30/90 المؤرخ في الفاتح ديسمبر 1990 المتعلق بالأملاك الوطنية، الذي صادق عليه البرلمان بغرفتيه مؤخرا أدخل عليه 35 تعديلا و13 مادة جديدة، وهو يهدف إلى تثمين الأملاك العمومية خدمة للمجموعة الوطنية، وذلك من خلال وضع آليات قانونية كفيلة بحماية هذه الأملاك وصونها.