تعد محطة القطار الكائنة بمدينة سكيكدة، تحفة فنية معمارية فريدة من نوعها على المستوى الوطني، وقد بنيت خلال الحقبة الاستعمارية في بلادنا من قبل المهندس الفرنسي "غاوول أوبو"، الذي وضع لها تصاميم هندسية عربية أصيلة ممزوجة بالطابع الأندلسي المغاربي، حيث زينت بالرخام الذي جلب من تونس، وقد أنجزت لتعويض المحطة القديمة في نفس المكان شرق ساحة أول نوفمبر قبالة النزل البلدي على الجانب الآخر من هذه الساحة، مما أعطى لمدينة سكيكدة منظرا متميزا، و بتاريخ 28 مارس 1937 دشنت هذه المحطة من قبل عدد كبير من شخصيات تلك الحقبة، يتقدمهم رئيس بلدية سكيكدة آنذاك "بول كيطولي".. وهي تضم طابقين، أهم ما يميزهما زخارف الفسيفساء الجميلة التي تغطي سطحها وأجزاء أخرى منها... وما يزيد في جمال محطة قطار سكيكدة، ذلك الديكور من خزف نابل الذي يزين جدرانها وزواياها، وهو عبارة عن رسومات مزخرفة تصور مزهرية تخرج منها أزهار مختلفة كأنها تنبض بالحياة، بالإضافة إلى تراكيب أشكال القبب التي تحاصر أوعية الأزهار ذات الألوان الهادئة.. وعند توجهك إلى الطبق الأرضي قاصدا الرصيف، ستشد أنظارك "درابزين" الدُّرج أو السلالم" المصنوعة من البرونز الخالص... أما على مستوى البهو المركزي للمحطة عند مدخله الرئيسي، فأهم ما يميزه تلك الساعة الفريدة من نوعها، مثبتة فوق السلالم المؤدية إلى الطبق الأرضي باتجاه الرصيف، وكذا تلك الثريا الأصلية المنجزة على شكل نجمة تحيط بها زخارف ملتوية في غاية الجمال... وعلى الرغم من كل هذا، إلا أن هذه المحطة تبقى تعاني من عدة نقائص قد تفقدها جمالها ورونقها إذ لم تتدخل الجهات المعنية عاجلا، لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه هذه المحطة، التي تبقى فعلا تحفة معمارية، في مقدمتها تراكم الأوساخ، لاسيما على مستوى الرسومات الخزفية المزخرفة المتواجدة عند مدخل المحطة، سواء بداخلها أو حتى عند مخرجها، ناهيك عن بروز بعض الشقق على مستوى الجدران، وما زاد في بؤس المكان، الروائح الكريهة المنبعثة وغياب النظافة وانتشار الغبار وتهشم زجاج الأبواب، لاسيما الرئيسية منها... أما الفسيفساء التي تغطي أرضيتها، فإنها تعاني هي الأخرى من الإهمال، وأمام هذا الوضع، فإن السؤال الذي يظل مطروحا بإلحاح، هل من منقذ لهذا المعلم الذي يعد من المعالم المصنفة وطنيا؟