لا يجد سكان البويرة وبخاصة شبابها متنفسا أومخرجا ليومياتهم الصيفية سوى سد كدية أسردون أو الحديقة العمومية قبالة مقر الولاية، فيما تنتظر النسوة والشابات دعوة إلى عرس هروبا من روتين الحياة اليومية الشاقة. بمجرد اجتيازك لنفق الأخضرية الذي يعد المدخل الغربي لولاية البويرة، حتى تستقبلك نسمات حارة من الهضاب لتتراءى لك على بعد كيلومترات مدينة البويرة متربعة في حجر جبال جرجرة ومحاطة بغيوم من نار من شدة الحرارة التي تصل درجاتها إلى مستويات عالية تحول دون خروج سكان المدينة إلى الشوارع والأسواق، حيث تتوقف الحركة بها في حدود الساعة العاشرة صباحا لتعود الحيوية إلى المدينة ابتداء من السادسة مساء.
تراجع الرحلات السياحية .. وحيرة الشباب العاطل عبر العديد من شباب مدينة البويرة والبلديات المجاورة عن استيائهم العميق جراء التراجع الكبير للرحلات السياحية التي كانت تبرمجها السلطات المحلية لفائدة الشباب والعائلات المعوزة والتي لا تملك وسيلة نقل خاصة، وذلك بسبب الظروف الأمنية التي قللت من اهتمام العائلات في المغامرة بأبنائها رغم أن السلطات حاولت جاهدة توفير ما يمكن توفيره إرضاء للجميع. وكانت العديد من البلديات وكذا الجمعيات تبرمج نهاية كل أسبوع رحلات نحو شواطئ البحار بكل من بجاية وبومرداس وحتى العاصمة وسط إقبال كبير للشباب المتعطش إلى مياه البحر وإلى التنفيس عن الروح التي أطبقت عليها مشاكل الحياة اليومية من بطالة وتهميش وانعدام الإمكانيات، وكان يسجل في الرحلة الواحدة مالا يقل عن 100 شاب.
سد كدية أسردون.. صيد واستجمام قد تتساءل وأنت تجوب شوارع مدينة البويرة عن مكان تواجد شباب البلدية الذين يختفون طيلة النهار، لكنك لن تتأخر في إيجاد الإجابة، فسد كدية أسردون هو الملاذ الوحيد لهم خلال النهار حيث يقضي الشباب معظم أوقاتهم في السباحة والاستجمام على ضفاف النهر، فيما يتجه البعض إلى نصب الخيام واستقدام عائلاتهم لقضاء يوم في أجواء منعشة وباردة هروبا من حرارة الأحياء والبيوت. ولأن سد كدية أسردون كان محل تجربة ناجحة لزرع الأسماك بأنواعها، فإن نتائجه كانت جد مرضية، مما دفع بالسكان إلى استغلال الثروة السكمية به والاستمتاع بالصيد وكذا الاقتصاد في المصاريف اليومية للعائلات - يضيف عمي سليمان - الذي يعد عيمد الصيادين بسد كدية أسردون، حيث يقضي معظم أوقاته هناك خاصة بعد إحالته على التقاعد منذ بضع سنوات. ويضيف عمي سليمان البالغ من العمر 75 سنة أنه لولا السد لتسكع متقاعدو البويرة الذين لايجدون فضاءات أو مساحات خاصة بهم لقضاء أيامهم الطويلة، كما أن السلطات لم تفكر في إنشاء فضاءات للمسنين تلهيهم وتنسيهم تعب السنين.
حديقة ميرة .. الدومين والجعة متنفس آخر يقصده سكان البويرة لكن هذه المرة بعد غروب الشمس، حيث يتوجه الشباب في شكل أفواج إلى حديقة عبد الرحمان ميرة قبالة مقر الولاية حيث يجتمع الحضور في شكل قعدات تضم بين 8 و10 أشخاص حول طاولة للعب الشطرنج أو الدمينو أو الورق، ويستمر الحال إلى ساعات متأخرة من الليل ليتحول اللقاء إلى قعدات سهر حول عبوات من الجعة، وقليلا حول أباريق من الشاي، وغالبا ما تتحول الاجواء إلى مشادات بين السكيرين فيما بينهم أو السكيرين والعائلات المجاورة. وبين الرحلات نحو شواطئ البحار أو سد أسردون وحديقة ميرة، قليلون هم الشباب الذين يتوجهون نحو نوادي الأنترنت التي غالبا ما تغلق أبوابها خلال شهر أوت وأواخر جويلية بسبب الحرارة المرتفعة التي تتسبب في إتلاف حواسيبهم، بالإضافة إلى قلة المقبلين عليها.