قررت الحكومة في اجتماع لمجلس مساهمات الدولة خلال الأسبوع الجاري تشكيل ثلاث ورشات عمل تتكفل بإعادة النظر في الاستراتيجية الوطنية الخاصة بالاستثمار وبملف الخوصصة، وستعكف هذه الورشات على إعداد وثيقة عمل حول كيفية تحويل المستثمرين لرؤوس الأموال نحو الخارج، ومنح حق الشُفعة للدولة الجزائرية وكيفية استكمال إنجاز بعض المشاريع الاستثمارية. بعد أقل من أسبوع من توجيه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، انتقادات لطريقة التعاطي مع ملفي الخوصصة والاستثمار، تحركت الحكومة تطبيقا لتوجيهاته في سياق البحث عن حلول لتدارك الأخطاء والنقائص المسجلة في تطبيق هذه السياسة. وأعلن وزير الاتصال السيد عبد الرشيد بوكرزازة، أمس، خلال الندوة الصحفية الأسبوعية، عن انعقاد مجلس مساهمات الدولة خلال الأسبوع الجاري ترأسه السيد أحمد أويحيى رئيس الحكومة، خصص لدراسة الملف الذي أثاره الرئيس بوتفليقة. وبموجب التوجيهات التي قدمها للجهاز التنفيذي وتحدث عنها بوضوح في خطابه السبت الماضي أمام رؤساء البلديات 1541 للوطن، قررت الحكومة إنشاء ثلاث ورشات عمل لدراسة جوانب عدة تسمح بتدارك النقائص المسجلة في تنفيذ سياسة الاستثمار وخاصة الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وقال السيد بوكرزازة أنه وحرصا على ترقية المصلحة الوطنية تم الانطلاق في التفكير في وضع سياسة حول كيفية التعاطي مع ملفي الاستثمار والخوصصة على النحو الذي يسمح بتدارك الأخطاء السابقة. تتضمن هذه الإجراءات تشكيل ثلاث ورشات عمل تعكف الأولى على اقتراح جملة من التدابير لاستكمال انجاز بعض المشاريع الاستثمارية الخاصة بالمستثمرين العرب خاصة تلك التي بلغت مرحلة الإنضاج والثانية تخص اقتراح تدابير تسمح للدولة باستعمال حق الشُفعة الذي يعني أن كل مستثمر أجنبي يريد تحويل أو التخلي عن استثماراته في الجزائر لطرف أو مستثمر معين يجب أن يسبق في عرض التنازل على الدولة الجزائرية قبل الأطراف الأخرى باعتبار المشروع موجود فوق ترابها. أما الورشة الثالثة فمهمتها تقديم اقتراحات حول كيفية نقل المستثمرين الأجانب لرؤوس الأموال من الجزائر نحو الخارج بما يضمن المصلحة الوطنية من جهة وبما لا يتعارض مع المعايير المعمول بها عالميا وبخاصة ما هو معمول به في إطار اقتصاد السوق. وتوقع وزير الاتصال أن تنتهي هذه الورشات من عملها مع الدخول الاجتماعي القادم. وفي تفصيله لعمل هذه الورشات خلال النقاش مع الصحافيين، أوضح ممثل الحكومة بأن الورشة الأولى ستقترح إجراءات خاصة باستثمارات عربية أبرزها إماراتية، وذكر بأن هناك حديث كثير أثير حول تراجع بعض المستثمرين العرب عن تجسيد مشاريعهم في الجزائر، ولكن الحقيقة أن مثل هذه الاستثمارات تتطلب وقتا حتى يتم تجسيدها والورشة التي تم إنشاؤها ستدرس جميع الجوانب الخاصة بكيفية الإسراع في تجسيدها من جهة ومراجعة بعض التفاصيل الخاصة بالمشاريع. وبخصوص قضية تحويل رؤوس الأموال نحو الخارج أكد أن الحكومة ستعكف عبر هذه الورشة على تسليط الضوء على هذا الملف بما يضمن حقوق الجزائر، دون أن يؤدي ذلك إلى تجاوز القوانين المعمول بها دوليا في هذا الشأن. وعن الانتقادات التي وجهها الرئيس بوتفليقة، الى الطريقة التي تمت بها معالجة ملف الخوصصة والاستثمار أوضح السيد بوكرزازة، أن القاضي الأول في البلاد لم يشر إلى أية طرف أو مستثمر بالاسم بل "كانت له الشجاعة أن يشخص الأخطاء التي أُرتكبت في هذا المجال ويتخذ قرار مراجعة السياسة المتبعة". وأضاف أن الورشات التي تم تنصيبها ستساهم في تدارك تلك الأخطاء علما أن القوانين التي سنت في الفترة الماضية لم تكن ناجعة من منطلق أنها جاءت في ظروف كانت فيها الجزائر بحاجة الى الخروج من العزلة غير المعلنة المفروضة عليها من طرف العديد من الدول. وحول حصيلة سياسة الخوصصة أكد السيد بوكرزازة، أن المجلس الوطني للإستثمار يعكف حاليا على إعداد تقرير كامل حول هذا المسعى، وتعهد بتقديمه للصحافة حين الانتهاء من إعداده. وبالموازاة مع تنصيب هذه الورشات، عكفت الحكومة من خلال عقد مجلس وزاري مشترك على تحضير الدخول المدرسي والجامعي للموسم الجديد. وتقرر خلال الاجتماع بعث مشروع 4 آلاف مسكن إضافي في منطقة الجنوب الجزائري موجهة لفائدة المعلمين والأساتذة، كما تم رصد المخصصات المالية التي تسمح بإنجاز هذا البرنامج. وجاء هذا الإجراء الحكومي تطبيقا لتوجيهات الرئيس بوتفليقة الذي طالب خلال خطابه السبت الماضي أمام رؤساء المجالس الشعبية البلدية بالاهتمام اكثر بواقع التعليم في الجنوب وتأسف لضعف نسبة النجاح في شهادة البكالوريا بهذه المناطق.