قدم المنتخب الجزائري لكرة القدم في بطولة الأمم الأفريقية مصر 2019 مستويات مميزة وظهر بشكل أفضل عن أخر نسخة شارك فيها بالغابون 2017 واتضح من اللقطة الأولى أنه حضر إلى أرض الفراعنة ليعود باللقب الذي لم يحققه منذ 29 عامًا. أداء ونتائج باهرة مقارنة بدورة الغابون ووصل" الخضر" للدور نصف النهائي بخطوات ثابتة، وواجهوا أمس نسور نيجيريا. ورغم وجود عدد من النجوم الذي شاركوا في النسخة الماضية بالغابون ، لكن المنتخب ظهر بصورة أفضل زينتها الروح العالية والإصرار والجماعية، بجانب الدور الذي لعبه الناخب الوطني جمال بلماضي. واستعرض موقع كوورة الأسباب الرئيسية وراء الظهور المميز لمحاربي الصحراء على أرض الكنانة. عودة الروح القتالية والإصرار على التأهل منتخب الجزائر ظهر بوجه مغاير رغم أنه شارك بنفس القوام تقريبًا في الغابون، والذي ضم كلًا من: رياض محرز، ياسين براهيمي، إسلام سليماني، سفيان فيغولي، رفيق حليش، رايس مبولحي، عيسى مندي ورامي بن سبعيني. واستدعى بلماضي عددًا من العناصر والوجوه الجديدة التي تشارك لأول مرة مثل يوسف عطال وإسماعيل بن ناصر وبغداد بونجاح ويوسف بلايلي، فظهر الانسجام بين تشكيلة الجزائر التي ضمت مزيجًا ما بين الخبرة والشباب. وقدمت الجزائر أداءً أفضل بكثير عن الذي ظهرت عليه قبل عامين في الغابون، ووقتها اكتفت بالخروج من الدور الأول دون تحقيق أي انتصار. وكان السلاح الذي ميز الجزائر، هذا العام، هو الروح والإصرار تحديدًا في مباراة كوت ديفوار، بالدور ربع النهائي والقتال بقوة من أجل بلوغ حلم التأهل للمربع الذهبي. خيارات بلماضي كانت في المستوى كان تأثير جمال بلماضي، واضحًا على المنتخب بعد سلسلة الإخفاقات التي طاردت الفريق خلال السنوات الماضية. وكانت اختيارات بلماضي للعناصر التي يحتاجها فقط، ولم يعتمد على أسماء النجوم اللامعة في أوروبا فتجاهل لاعبين كبار واهتم بمصلحة الفريق. وضمت قائمة الجزائر أسماءً لا تلعب في أوروبا، مثل بغداد بونجاح مهاجم السد القطري، يوسف بلايلي لاعب الترجي التونسي، رايس مبولحي حارس الاتفاق السعودي والمدافع جمال بلعمري لاعب الشباب السعودي. كما منح المدرب الجزائري، الفرصة للشاب آدم أوناس رغم قلة مشاركته مع نابولي، لكنه أعاد اكتشافه في البطولة وهو ما يعكس سلسلة نجاحات المدرب الوطني مع الجزائر بعد رابح سعدان مع جيل 2010. عودة الانضباط والمنتخب أصبح عائلة واحدة وساهمت عدة عوامل في عودة الخضر إلى الواجهة تحت قيادة بلماضي من بينها عودة الانضباط إلى التشكيلة والروح الجماعية، حيث شهد المنتخب في بعض الفترات مشاكل بين اللاعبين، وصلت إلى حد التشابك بالأيدي. ومع وصول بلماضي قضى المدرب الجزائري على كل هذه الأمور، وجعل من المنتخب الجزائري عائلة واحدة تلعب من أجل تشريف الراية الجزائرية وفقط، وهذا ما ظهر بوضوح في تصريحات العديد من اللاعبين وردود فعلهم في المباريات، التي خاضها الخضر في كأس الأمم الأفريقية، بمصر، وآخرها أمام كوت ديفوار في ربع النهائي، حيث بدت روح اللاعبين وتحملهم للمسؤولية في أعلى مستوياتها. تجديد الثقة في بن العمري وبلايلي وقديورة من بين الأسباب التي أعادت الروح أيضا للمنتخب الجزائري هو إعطاء الفرصة والثقة من طرف بلماضي للعديد من اللاعبين الذين تم تجاهلهم مع كل المدربين السابقين، دون سبب واضح، أمثال جمال بن العمري الذي لم يلتحق بالمنتخب منذ عهد غوركيف، بينما بات اليوم من ركائز دفاع" الخضر"، وأفضل اللاعبين في مركزه بالبطولة القارية. وينطبق الأمر نفسه على يوسف بلايلي لاعب الترجي التونسي الذي برهن لسنتين مع ناديه على المستويين المحلي والقاري، لكنه لم يعرف طريقه إلى قائمة المنتخب إلا في عهد بلماضي، وكذلك اللاعب عدلان قديورة وسط ميدان نادي نوتنغهام فوريست الذي فاجأ الجميع باستعادة مستواه الراقي. الثقة التي وضعها بلماضي في هؤلاء اللاعبين أعطت ثمارها حيث أصبح الثلاثي المذكور وغيرهم من أفضل لاعبي المنتخب الجزائري على مستوى الخطوط الثلاثة، إذ يساهمون في صنع أفراح المنتخب الجزائري في الكان. الدهاء التكتيكي لبلماضي فك الرموز الفنية للمنتخبات الأفريقية بنجاح بالرغم من أن جمال بلماضي ما يزال في بداية مشواره التدريبي، خاصة على صعيد المنتخبات، لكن لاعب أولمبيك مارسيليا السابق عرف طريقة فك الرموز الفنية للمنتخبات الأفريقية بنجاح، من خلال معرفته بإمكانيات لاعبيه، وقوة فريقه، إضافة إلى نقاط ضعف الخصوم. بلماضي من نوعية المدربين الذي يقرؤون الخصم جيدا أثناء المباريات، كما أن لديه القدرة على التنوع الفني والتكتيكي داخل الملعب، وهو ما ظهر في كل مباريات المنتخب الجزائري، التي غير فيها طريقة اللعب وفقا لطبيعة منافسه. ويفضل بلماضي خطة 4-3-3 لكنه يغيرها حسب مجريات اللقاء، ففي العديد من الأحيان يتم تبديلها إلى 4-1-4-1، أو إلى 4-2-3-1. كل هذه الأمور تبين مدى العمل الذي يقوم به بلماضي منذ توليه مهمة تدريب المنتخب الجزائري حيث استطاع في ظرف وجيز جدا أن يخرج بالمنتخب الجزائري من الظلمات إلى النور. زطشي لن يفرط فيه وأمام المستوى الذي أضحى يقدمه المنتخب الجزائري تحت قيادة بلماضي طالبت وسائل الإعلام المغربية بضرورة التعاقد معه خلفا للمدرب الحالي للأسود هيرفي رونار . ونقلت قناة تايم سبورت عن صحيفة المنتخب المغربية قولها إن التعاقد مع بلماضي أصبح ضرورة ملحة خاصة عقب الأداء المميز لمنتخب الجزائر تحت قيادته بالإضافة لوصول الجزائر ل نصف نهائي الكان 2019. وأعلنت الصحف المغربية من قبل انطلاق البطولة أن رونار سيرحل عن المنتخب عقب انتهاء فعاليات البطولة خاصة وأن المغرب ودع الكان بعد الهزيمة أمام البنين في دور ربع النهائي . ويبقى رحيل بلماضي عن المنتخب أمر مستبعد خاصة وأنه يرتبط بعقد طويل الأمد مع الجزائر والتي سيعمل على قيادتها لبلوغ مونديال قطر 2022. ايت عمار محمد