عرف اليوم الأخير من أشغال ملتقى الكراسك الدولي حول الحقول الأدبية بوهران مشاركة الأستاذ والمفكر الجزائري محمد الأمين بحري الذي سلط الضوء في مداخلته على مسألة المتغير الفني في الرواية الجزائرية المعاصرة من خلال تقديمه لدراسة حول آخر ما كتبه رواد الرواية الجزائرية أمثال «الطاهر وطار» في مؤلفه قصيد في التذلل» والكاتب «أمين الزواي» في حادي التيوس والمؤلف بشير مفتي في دمية النار . و قال المفكر إن بشير مفتي حاول أن يبرز في هذه الكتابات أهم المباحث الفنية والثقافية التي تشكل بطبيعة الحال كينونة النص الروائي الجزائري طارحا بذلك عدة تساؤلات حول مفهوم المدار الفني في النظرية السردية الحديثقة و ما أبعاده وأهم المستويات السياقية والنصية المعنية بهذه التغيرات الفنية وغيرها من التساؤلات التي كانت محل نقاش بين مجموع الباحثين والأكاديميين المهتمين بمستجدات الدراسات السردية على الصعيدين السياقي والنصي في حين فضل الباحث الجزائري الطاهر رواينية أن يعالج في مداخلته مسألة شعرية الكتابة الروائية عند واسيني لعرج مبرزا أن كتابات هذا الروائي الكبير تتسم بنزوعها نحو إنجاز محكي روائي يمكن وصفه بالإمبراطورية الحكائية كون مجمل أعماله تشكل بطريقة أو بأخرى ملتقى أجناس متعددة من الخطابات المهاجرة أو المستدعاة من مختلف نصوص الثقافة في سياقاتها التخييلية والتاريخية والجغرافية والإيديولوجية . كما أوضح في ذات الصدد أن أهمية أْعمال واسيني لا تكمن في طريقة تقطيع النص الواقعي وإعادة استثماره على مستوى التخييل وإنما في إعادة إستدعائه أو اقتراضه من فضاءات ثقافية ومن أزمنة تاريخية أو أساطيرية أو شعبية هامشية أو من أجناس خطابية ومرجعيات متنوعة تجمع وتؤلف بين بلاغة الهامش وبلاغة الإختلاف . و أشاد الأستاذ شاسة فارس من جامعة سطيف أول أمس بوهران خلال ملتقى الكراسك الدولي حول الحقول الأدبية واستيراتيجيات الأدباء بالأدب الرقمي الذي أضحى فضاء مثاليا لعدد كبير من الكتاب في الآونة الأخيرة كونه معفي من الرقابة التي غالبا ما تفرض على الأدب الورقي سواء من طرف دور النشر أو لجنة القراءة أو جهة رسمية معينة الأمر الذي طرح العديد من التساؤلات الجادة حول طبيعة الأدب الرقمي وتقنياته وتمظهراته البصرية التي تختلف بشكل كبير عن التمظهرات الشكلية الورقية المألوفة إبداعا وقراءة مشيرا في ذات السياق إلى أن الإنتشار الكبير لشبكة الإنترنت وتعدد المواقع الإلكترونية وسهولة فتح الصفحات والمدونات قد عزز من تطور الأدب الرقمي في الكتابة الروائية الجزائرية وحتى القصصية والشعرية وسمح للمبدعين بالتوغل في قضايا المجتمع السياسية والثقافية دون أية ضغوط أو عراقيل من شأنها أن تحد من حرية تعبيرهم والإدلاء بأفكارهم كفاعلين جزائريين. ومن جانب آخر فقد عرف هذا اللقاء أيضا مشاركة دولية هامة تجسدت في مداخلة الفرنسي «ريشارد باريزو» الذي سلط الضوء على قصة رجل من ألمانياالشرقية للروائي «ماكسيم ليو» إضافة إلى الأستاذ بيار ندمبي ما مفومبي من جامعة الغابون الذي قدم مداخلة بعنوان من الطوغو إلى أمريكا : إشكالية وسؤال الحقل الأدبي في أعمال سامي قشاك والأستاذ إيوا طاراكو فسكي من جامعة ليون الفرنسية الذي عنون مداخلته ب كاتب المنفى في اللعبة الأدبية الفرنسية وغيرها من المشاركان التي أثرت فعاليات اليوم الأخير من الملتقى الذي قدم مقاربات مختلفة لدراسة الحقل الأدبي وتحليلات خاصة بالجوانب النصية والسياقية للإنتاج الإبداعي.