مؤسف جدا ما يحصل للشعب السوري، ويكفي أن ترى افراد منه في الجزائر كانوا يعيشون بكرامة في وطنهم لتحولهم ثورة يصنعها الخارج إلى متسولين في الدول الشقيقة و العدوة. وإلى لاجئين، فقد آلمني وأنا أرى شاب سوري في مقتبل العمر يقف وسط شارع من شوارع العاصمة حاملا جواز سفره ويطلب المساعدة من المحسنين لأنه وصل توا من الجحيم فارا رفقة شقيقته التي تقف بعيدة عنه بأمتار ناكسة رأسها بحياء، لم يخسر النظام السوري، ولم تخسر المعارضة، ولا قطر ولا الولاياتالمتحدة ولا روسيا ولا كل الذين يخططون للحروب والذين ينفذونها، وحده الشعب السوري يخسر كرامته، ويخسر دياره، ويخسر وطنه ورزقه ، وصدق ذلك الحكيم الذي قال الحرب يعلنها ناس يعرفون بعضهم جيدا ويقوم بها آخرين لا يعرفون بعضهم، فالولاياتالمتحدة والصين وروسيا والقوى الكبرى التي تنفخ في نار الفتنة والصهاينة ودول الخليج تعرف بعضها بعضا وتعرف الأهداف التي تخطط لها، بينما الذين يتقاتلون في سوريا والذين يموتون فيها ويفرون منها رغم أن في مغلبهم ابناء وطن واحد إلا أن الكثير منهم لا يعرفون بعضهم بعضا ويوجد الكثير من القتلة والقتلى لم يلتقوا ولو مرة في حياتهم. زرت بلاد الشام أكثر من مرة قبل أن تندلع الحرب وكنت دوما أراها جميلة، كانت النساء يمشين فرادى في الشوارع في منتصف الليل ومعاصمهن ورقابهن مليئة بالذهب ولا أحد يتعرض فالأمن كائن يمشي ويسير بين الناس، وكان سوق الحامدية وسوق باب تومة يعج بالمتسوقين الاجانب والسياح وليل الشام لم يكن ينام والمقاهي والمحال والمطاعم تفتح ولا تغلق ، لم أكن أميز بين شيعي ولا سني ولا مسيحي ولا كردي، كنت اعرف فقط أن كل هؤلاء الذين في الشوارع من نساء وأطفال ورجال وكهول بلهجتهم السورية المميزة الرائعة أنهم سوريين وفقط، فلعنة على الحرب التي أخرجت أهل الشام من شامهم وشردتهم وجعلتهم يتسولون في بلاد العدو والصديق، لعنة تحل على الفتنة والحرب وعلى من أيقظها ، وستنقلب الفتنة يوما على الذي نفخ فيها والذي أطلقها من منامها.فقد حولوا الفيحاء إلى خراب.