يرى مهتمون بأب الفنون ومسرحيون ومثقفون وحتى مشاهدون أن المهرجان الثقافي الوطني للمسرح الأمازيغي الذي دأب المسرح الجهوي بباتنة على تنظيمه منذ 5 سنوات يعد "إثراء للساحة المسرحية والثقافية بالجزائر ووسيلة للتنقيب في التراث". فهذا المهرجان الذي أصبح يستقطب من سنة إلى أخرى مشاركة فرق محترفة وهاوية من مختلف أنحاء الوطن أضحى حسب ما أكده هؤلاء" فضاء إضافيا يلتقي فيه عشاق المسرح للاحتكاك وعرض التجارب المختلفة" إلى جانب الاستفادة من آراء الأكاديميين الذين ينشطون في كل مرة الملتقى العلمي لهذا المهرجان أو يؤطرون الورشات التكوينية فيه. وتعمل هذه التظاهرة برأي المهتمة بالمسرح الأمازيغي الدكتورة ليلى بن عائشة من جامعة سطيف من أجل التأصيل للمسرح الأمازيغي و بالتالي البحث في مكنونات التراث الأمازيغي الذي يعتبر أحد روافد الثقافة الجزائرية ذات البعد الحضاري العريق. أما الأكاديمية والمهتمة بالمسرح الدكتورة أنوال طامر من جامعة وهران (قسم الفنون الدرامية_فأفادت " بأن المهرجان فتح أبواب البحث في التراث الأمازيغي من بوابة المسرح الذي بينت الأبحاث بأن الأمازيغ في الجزائر عرفوه ومارسوه قبل مجيء الرومان بل أبدعوا فيه نصا وممارسة وفرجة". وأبرزت ذات المتحدثة بأن هذا المهرجان كان فرصة لإزاحة اللبس والتعتيم عن أصل وجذور المسرح في الجزائر الذي هو ليس بالضرورة بحاجة إلى إستيراد نماذج مسرحية من شعوب أخرى ويكفي المهتمين به النهل من هذا الموروث الذي له في التراث تربة خصبة و انتماء وأيضا متلقي. و من جهتها أكدت الممثلة المعروفة والمخرجة المسرحية ومديرة المسرح الجهوي عز الدين مجوبي بعنابة السيدة صونيا على أهمية هذه التظاهرة الفنية كونها مكسبا للممارسة المسرحية في الجزائر . فالمسرح بالأمازيغية -تصرح صونيا- كان حلم لكنه تحقق اليوم ولمن لا يعرف الأمازيغية تضيف الفنانة يبقى المسرح نصا و إحساسا وأداء صادق و إن اجتمعت هذه العناصر الثلاثة تصل الرسالة إلى المشاهد حتى وإن كان يجهل اللغة التي قدمت بها المسرحية . واستطردت قائلة" فانا جد مندهشة من الجمهور في باتنة كل ليلة القاعة ممتلئة عن آخرها إنه شيء رائع فعلا و أنا أعتقد أن كل هؤلاء دفعهم حب المسرح لمتابعة العروض المبرمجة بغض النظر عن اللغة التي تقدم بها". للجمهور نصيب أكبر في تدعيم وإنجاح المهرجان و من جانبه اعتبر الممثل ومدير مسرح أم البواقي الجهوي السيد لطفي بن السبع أن الجمهور بعاصمة الأوراس كان له النصيب الأكبر في تدعيم هذه التظاهرة التي أدركت طبعتها الخامسة منذ أيام وسط حضور جماهيري مكثف لعشاق الفن الرابع . ولم يخف الفنان بن السبع أن جمهور باتنة لا يجامل لذا أعتبره -يضيف المتحدث- أخطر جمهور وإقباله غير المسبوق كل ليلة على قاعة مسرح باتنة لدليل على أن هذه التظاهرة في مسارها الصحيح . و حسب مدير مسرح أم البواقي الجهوي فإن المهرجان الوطني للمسرح الأمازيغي في طبعته الخامسة تخلص من الفلكلورية التي تميزت بها طبعته الأولى حيث قال "لقد رأينا منذ افتتاحه هذه السنة ميول الفرق المشاركة إلى تناول مواضيع إنسانية وهو ما يبين أن هذا المسرح بدأ يبحث عن ذاته". لكن يبقى ضيق القاعة هاجس الكثير من عشاق المسرح بعاصمة الأوراس فمتتبعي أب الفنون بباتنة وفقا للسيد سليم أمغار وهو طالب جامعي كان ينتظر في طابور أمام المسرح للدخول "يفوقون بكثير ال 500 وهو عدد مقاعد قاعة العرض بالمسرح ". ويزداد عشاق المسرح يوما بعد الآخر بباتنة تصرح من جهتها مرافقته جيدة .ن لاسيما في مثل هذه المناسبات التي يكثر الإقبال عليها قائلة " لا أخفيك أمرا بأن الكثيرين مثلي يراودهم الشك أحيانا بأن يعودوا خائبين لأن القاعة امتلأت عن آخرها وهي مفاجأة تحصل للمتأخرين عن الموعد أو لغير المبكرين ".
ويلاحظ العابر بالقرب من ساحة 8 ماي 1945 المقابلة لمسرح باتنة بوسط المدينة منذ افتتاح المهرجان الثقافي الوطني للمسرح الأمازيغي في العاشر من ديسمبر الجاري كل أمسية جمهورا غفيرا ينتظر فتح أبواب المسرح بساعة أو بساعتين قبيل بداية العرض وهاجس كل واحد أن يظفر بمكان حتى في آخر القاعة لأن الأماكن محدودة والمتعة الكبيرة حسب الآنسة منال وهي مهووسة بأب الفنون أن ترى المسرحية في على ركح المسرح و ليس في قاعة أخرى.