عرضت في إطار المهرجان المحلي للمسرح المحترف ببلعباس مسرحية "القصائد التي احترقت"، أداء تعاونية "فايس تروب"، الثقافية الفنية للجزائر العاصمة، والتي تروي قصة المثقف العربي المتشبت بالقضايا العادلة رغم الضغوطات الرهيبة التي يتعرض لها، حيث تروي المشاهد قصة المثقف الخانع البائع لضميره وصراعه مع المناضل الشاعر والكاتب، هذه العلاقة التي غلبت عليها نظرة تشاؤمية اتجاه حياة المثقف وتبعيته العمياء للسلطة مقابل المناصب ، كما طرع العمل هذه التبعية سواء كانت عن رضى أم مجبرا بسبب الضغوط والتضييفات الى غيرها من الممارسات المنتشرة في عالمنا العربي. لتطرح إشكالية غياب دور هذا الأخير في التعبير عن قضايا محيطه وخنقه لكلمات الحق ليستبدلها بأخرى منمقة تحت طلب أسياده.
الممثل 'محمد علي ديب': "على المثقف الجزائري أن يثبت وجوده على كافة " من جهته أشار الممثل المسرحي الفلسطيني المقيم بالجزائر، محمد علي ديب، الذي أدى دور الكاتب المثقف الواع بين المطرقة والسندان، بسبب مبادئه النظالية وإيمانه بأن قناعته لا تباع ولا تشترى، أشار هذا الأخير إلى أنّ المثقف الجزائري يعيش وضعا صعبا كونه مغيبا سواء على الساحتين العربية والعالمية، وليتدارك الأمر ويحقق قفزة يجب عليه على -حدّ تعبيره- البروز بأفكاره وأعماله وطرحها بجرأة في المجتمع وأمام السلطة. وأكدّ الممثل محمد علي ديب، على هامش عرضه المسرحي الذي كتبه جمال السعداوي وأخرجه جمال غرمي بعنوان "القصائد التي احترقت"، ، بأنّ ثورات الربيع التي شهدتها وتشهدها المنطقة العربي عموما كشفت عن الضغوطات الكثيرة والمختلفة التي يتعرض لها المثقف العربي، من طرف الأنظمة الحاكمة سواء الجمهورية أو الملكية، التي منعته من غبدالء رأيه والتعبير بحرية عن ارائه حول مختلف القضايا سواء السياسية والإقتصادية والاجتماعية. وأوضح المتحدث علي ديب في حديث جمعه ب"الفجر" بأنّ هذه الضغوطات والممارسات التعسفية التي تمارسها السلطات العربية انعكست سلبا على المثقف الجزائري الغائب عن الساحة العربية خاصة والعالمية عموما -على حدّ تعبيره- بحيث بات لا يشارك في ابداء رأيه في مختلف الأحداث التي عرفها العالم العربي والجزائر خصوصا. وأكدّ ديب في السياق بأنّه يجب على المثقف الجزائري باختلاف مجال نشاطه أن يقاوم ويثبت وجوده لأنّه يحمل عبء أكبر لابد من إبرازه من خلال طرح أفكاره لمعالجة الواقع. وحسبه فإنّ العديد من المثقفين العرب تم شراؤ ذممهم من طرف بالبلاط، حيث باتو تبعا له ولأفكاره ولا يجرؤون على ابداء وجهة نظرهم في أي قضية كانت، قائلا "بأنّ هذا الخضوع للسلطة حاصل اليوم ولا يمكن لأحد أن ينكره باستثناء بعض المثقفين المناهضين والمناضلين عن قناعة عن أفكارهم وعن هموم المجتمع ما يعانيه. ودعا ديب في السياق جميع المثقفين العرب الى التوحد من أجل اطلاق أفكار جديدة وحديثة وصحيحة في الاساس بهدف تحسيس الجيل القادم وتشجيعه على العمل والنضال السلمي، كما يكبروا عليها ليثبتو وجود طبقة مثقفة ونخبة تريد التعبير عن أرائها دون تبعية للسلطة. من جهة أخرى قال محمد ديب علي بأنّ الحديث والغوص في مواضيع سياسية على الرمح لا يعني بالضرورة تغيير النظام بل طرح أفكار للنقاش ولابراز مكامن الإخفاق، كما لا تعتبر أعمالهم تحدّيا لها لأنّها بحسب قوله تبقى السلطة لها تاريخ قديم وكبير، فيما يحاول المثقف أن ينقل هموم المجتمع الى السلطة. وفي سياق ذي صلة وصف وضعية المثقف العربي بالمتأخرة والتي لم تستطع اللحاق بركب مثقفي الغربي بأمريكا وأوربا، الذين تقدموا بشكل كبير بينما بقي العرب حبيس أفكار قصيرة المدى.