يقدّم المخرج جمال ڤرمي، غدا على ركح محي الدين بشطارزي، بالعاصمة، جديده المسرحي بعنوان ”القصائد التي احترقت”، عن نص المؤلف المسرحي جمال سعداوي، الفائز بجائزة علي معاشي لمبدعين الشباب طبعة 2008، وإنتاج التعاونية الفنية ”فيس تروب”، بدعم من وزارة الثقافة. وهي مسرحية تطرح إشكالية المثقف والسلطة التي يكون غالبا تابعا لها. يستعد المخرج جمال قرمي لتقديم واحدة من مسرحياته الرائعة في عرضها الشرفي الأول، الذي بدأ تحضيره منذ مدّة رفقة طاقم العمل الذي ضم كلا من الممثلين نادية لحماري، مليكة قطني، مهدي العيد، مجمد جلولي ومحمد رفيق، فيما وقعّ السينوغرافيا سليمان بدري، حيث يحاول من خلال العرض حسب ما صرّح به قرمي أن يفضح بعض الأمور السلبية التي تلاحق المثقف الجزائري والعربي عموما ويسلّط الضوء على ما أصبح عليه غياب الضمير المهني للمثقفين اليوم وتراجع أخلاقهم في تأدية واجبهم الاجتماعي، والتي يفترض أن تكون فعالة وتسير بشكل صحيح، كما تتماشى مع مهامهم المنوطة بهم كمثقفين ونخبة في نقد الأوضاع الاجتماعية ومواجهة السلطة بأفكارهم ومشاريعهم. وبالتالي ستأتي مسرحية ”القصائد التي احترقت”، بتوقيع تراجيدي يعالج القضية من خلال وجهة عصرية وحديثة، فكرته مستمدة من الواقع والمتغيرات الراهنة للمجتمع الجزائري، وفي مختلف الدول العربية التي أنهكتها ”ثورات الربيع”، وجعلت من جهة أخرى المثقفين يظهرون على حقيقتهم، حيث يغوص العمل في تحليل وطرح الجوانب الاجتماعية والسياسية والفكرية، وفق خصائص المسرح ما بين المدرسة الواقعية والمسرح الجاد لستانسلافسكي وكذا المدرسة ال”بيوميكانيكية” التي تعتمد على لغة الجسد وحركة الممثل على الخشبة في آن واحد، معتمدا انطلاقا من أداء الممثلين في تغير لوحات العرض، مع منحهم تقديم مقترحاتهم وأفكارهم وآرائهم التي تصب في مغزى العرض وفي الفكرة المراد تمريرها. وكذلك وفق بنية حوارية، تعالج المشكلة بالسؤال والجواب وتقدم الحقيقة التي ينبغي أن تكون فيها أفكار المثقفين والنخبة بمثابة قناعات راسخة لا تتغير مع كل موجة أو مع كل سلطة، كما وجب أن تكون موجهة للكفاح والنضال عن مبدأ معين ووضع ما. وستركز أطوار المسرحية على الإنسان الإيجابي الفاعل داخل المجتمع الذي لديه روح المبادرة لتحريك العلاقات الاجتماعية وخلخلتها من أجل إعادة صياغتها في منظومة حقيقية تلتزم بضوابط لها علاقة بالقيم الإنسانية، كما يتناول النص قضية كفاح فرد على هموم مجتمعه بأفكار جديدة تحمل رؤية جادة تؤسس لمشروع يعطي أهمية كبرى للأفكار التي ستبني منظومة تقوم على القيم داخل المجتمع وتعمل على أخلقة المنظومة الاجتماعية.