ربما حاول المتدخلون أمس الأول في أولى أيام الملتقى الدولي للسينما "الشروط والقيود الخاصة بالإنتاج السينمائي في الجزائر"، المقام بقصر الثقافة محمد العيد أل خليفة" في قسنطينة، الوقوف نوعا ما، وجها لوجه مع الواقع المرير الذي تعيشه الساحة السينمائية في الجزائر، رغم المحاولات المحتشمة التي انتهجتها الجهات الوصية لبث الروح مرة أخرى في الفن السابع ومصالحة الجمهور، المضرب عن القاعات، والمتابعين المتذمرين من مستوى ما ينتج، الموسوم أحيانا بالرديء. في هذا السياق دعا المخرج بلقاسم حجاج خلال افتتاح الملتقى الذي تنظمه دائرة السينما لمحافظة تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، إلى انتهاج خطة عمل جادة تضمن إنتاج أفلام سينمائية ترقى إلى الجودة وتطلعات الذوق العام، ترافق وتكمل النظرة الرامية إلى بناء دور سينما جديدة في الجزائر، نفس التوجه ذهب إليه الناقد السينمائي أحمد بجاوي، الذي أكد أن الفن السابع محروم من جمهوره، ودعا إلى البحث عن سبل تكوين حقيقية، تفرز مختصين مقتدرين، بإمكانهم الارتقاء بالقطاع. وأشرف "مراد شويحي"، مدير دائرة السينما على افتتاح الملتقى، إذ أوضح أن هذا الحدث الذي يأتي في سياق نشاطات دائرة السينما التابعة للمحافظة، وأضاف قائلا "نحاول خلال هذا الملتقى تسليط الضوء على الصعوبات التي يلاقيها الفاعلين في قطاع السينما بكل تخصصاتهم، في عملهم، خاصة ما تعلق بالتمويل المادي على كل مراحله بداية من كتابة السيناريو ووصولا إلى الترويج للعمل النهائي. وألقى الأمين العام لوزارة الثقافة "إسماعيل أولبصير" كلمة نيابة عن وزير الثقافة "عز الدين ميهوبي"، حيث ذكر بأن هذا الملتقى يتطرق لنقاط هي من تطلعات الوزارة الوصية قائلا: " إشكالية المؤسسة الثقافية بصفة عامة واقتصادها هو من اهتمامات الوزارة التي تسعى حاليا إلى تنظيم العلاقة التمويلية مع المؤسسات، سواء العامة أو الخاصة، ما يطرحه الملتقى يأتي في سياق مسعى لإعادة النظر في صناديق التمويل وشروطها، كما أن الوزارة ترى أنه حان الوقت لإعادة النظر في كل المؤسسات الثقافية، والإدارة المركزية والمحلية... هناك عدة اقتراحات خاصة ذلك المتعلق بإدماج السينيماتيك بالمركز الوطني للسينما، في هذه الخطوة تعنى بالجانب التنظيمي وليس مهام متحف السينما المعروف والذي لن يتغير".
شاهيناز محمدي: "يجب فتح الباب أمام المنتجين الأجانب لضمان العرض في الخارج" من جهتها عرضت مديرة المركز الجزائري لتطوير السينما "شاهيناز محمدي"، لمحة عن دور المركز الذي تشرف عليه، وأهدافه للارتقاء بالفن السابع في الجزائر، مضيفة أن من اهتماماتهم مستقبلا ستوجه لتمويل الفيلم القصير، معترفة بأن مشكل التوزيع يطرح نفسه بشدة لغياب صالات العرض، وأنه بات من الضروري تشجيع الإستثمار الأجنبي، و البحث عن منتجين أجانب كشركاء لفتح الباب أمام إمكانية عرض أفلام جزائرية في الخارج، فحسبها هذا الإتجاه انتهجته عدة بلدان عربية مجاورة، ونجحت في تقديم العديد من الأفلام في الصالات الأوربية والغربية.
أحمد بجاوي: "يجب على السينما أن تتخلص من التمويل الحكومي" الناقد أحمد بجاوي وخلال مداخلته، ركز على إشكالية ارتباط الإنتاج السينمائي بالتمويل الحكومي، الأمر الذي وصفه بالإرث الناجم عن تراكمات، بدأت نتيجة سياسة الجهات الوصية منذ سنوات الستينات، وليس وليد اليوم، مضيفا: "لقد قدمنا أموالا أكثر مما أنتجنا أفلام، حقا من الصعب التخلص من تمويل الدولة، رغم أن هذا الأمر صعبة المنال، لكن لابد من البدء في التفكير جديا فيها، والبديل هو أن تمنح الدولة تسهيلات وتشجيع المستثمرين الخواص في ولوج القطاع... يمكن مثلا للدولة أن تقدم تنازلات لرجل أعمال مثلا يريد بناء فضاء للعرض، ويريد انتقاء ارض لمشروعه بثمن ملائم... نفس الشيئ للمدارس الخاصة، لما لا نفكر في تشجيع الخواص عبر منحهم اعتمادات وامتيازات في حال بناء معاهد تكوين في الفن السابع." أما عن فكرة ترميم دور السينما الموصدة، كشف بجاوي بأن معظمها لا يمكن استرجاعها حاليا، ولابد من التفكير في بناء دور جديدة، بمقاييس معقولة وعالمية، فحسبه من الخطأ التخطيط لبناء صالت عرض بسعة استيعاب 1500 متفرج، في حين أن المعايير الدولية تقول أنه من الصعب ملأ قاعة سينما ولو في الغرب، إن كانت سعتها ما بين 300 و400 متفرج، وقال: "لما لا تحول قاعة إفريقيا الضخمة، وتقسم إلى قاعات متنوعة للعرض..."
بلقاسم حجاج: "الإحترافية هي الغائب الكبير في القطاع" ورأى المخرج بلقاسم حجاج أن الإحترافية هي الغائب الكبير في القطاع، وحضورها سيعطي دفعا قويا للفن السابع في الجزائر، وتساءل عن فحوى البحث ووضع دراسات ومخططات، وفي الأخير تعرض فيها أعمال رديئة ينفر منها الجمهور، مؤكدا هو الأخر على عامل التكوين الصحيح وقال: " صراحة نرى غياب المستوى لدى معظم خريجي المعهد العالي لمهن فنون العرض السمعي البصري ببرج الكيفان، فالطلبة هم نفسهم يعون هذه النقطة السوداء ويشونون الإضرابات مرارا لرفعه، حان الموعد لتوأمة هذه المراكز مع أخرى أجنبية، لا يكفي تقديم الشهادات وبس، بل يجب ضمان التقييم الجاد، والعمل التطبيقي الميداني". مشكل أخر عرج عليه المخرج حجاج، وهو ضعف السيناريو وغياب الكتابات الجادة، وارتأى أن من الضروري على الصندوق الوطني لدعم السينما، أن يخضع السيناريوهات المقبولة لورشات تطوير، وحتى وإن كان العمل كاملا حسبه فهو الأخر لابد من أن يمر على هذه الأخيرى لزيادة جودته، كما أضاف أنه على المسؤولين أن لا يكتفوا بالمطالبة بشرط عرض الفيلم الممول في القاعات فقط، بل لا بد من تقييمه، والبحث عن من أسهم في الإنتاج.