• القضية الفلسطينية ليست محصورة في "باخرة" • العدوان الغاشم قد عرى مواقف العديد من الأنظمة العربية و الدولية • قد يكون النظام المصري مقصرا باعتباره بوابة للدخول إلى غزة • كفانا تحميل جامعة الدول العربية ما لا تستطيع القيام به • جامعة الدول العربية تعكس مواقف الأنظمة العربية وليست لديها استقلالية لاتخاذ قرارات تعبر عن الشعب العربي. كشف صالح سعود دكتور في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر في حوار حصري وساخن خص به المسار العربي حول "الاعتداء الصهيوني المسلح على المدنين"، كشف ان الفعل الهمجي الذي قامت به قوات الكيان الصهيوني سيكون الضوء الكاشف عن سياسات بعض الأنظمة كما سيفضح الكثير من المواقف العربية و العالمية تجاه هذا الفعل الفاشي غير الشرعي الذي تعرض له هؤلاء العزل على المياه الدولية، محملا المسؤولية على عاتق الأنظمة العربية ككل و ليس مصر لوحدها التي لم تعط لنفسها قوتها و هيبتها السياسية على المستوى العالمي. المسار العربي: هل برأيك أنه لو فتحت مصر حدودها لما حدث كل هذا الاعتداء الصهيوني؟ بداية، أتصور بان ما حدث إلى حد الآن تم وسيتم توظيفه من قبل العديد من الدول و المؤسسات السياسية كل حسب مصلحته و بما أننا الأضعف، فإننا نتمنى أن نستفيد من الأحداث بما يحقق المصلحة الفلسطينية و المتمثلة في الوقت الراهن و للأسف في حل الحصار على غزة بدل إيجاد حل للقضية الفلسطينية برمتها. نعم، الحصار على فلسطين في جزء كبير منه ساهمت فيه مصر باعتبارها البوابة الوحيدة للدخول إلى غزة و هذه المساهمة في الواقع خارجة عن نطاقها و مادام الأمر كذلك فإنني أعتبر أن مصر في حد ذاتها محاصرة أي تتحكم فيها القوى الكبرى فيما يتعلق بالفتح والإغلاق و مرور ما يجب أن يمر ومنع ما يجب أن يمنع و ذلك حسب مصلحة هذه الأطراف. بالإضافة إلى ان الحصار ليس مصريا فقط و إنما ساهمت فيه كل الأنظمة العربية كل حسب مصالحه. و عليه فإن مسألة فتح الحدود أو غلقها ليست من مسؤولية مصر لوحدها و إنما جميع الأنظمة تتحمل مسؤوليتها، فلو تحملت هذه الأنظمة مسؤوليتها التاريخية لما استطاع الكيان الصهيوني أن ينفذ جرائمه السابقة و ما حدث أول امس و ما سيحدث لاحقا. المسار العربي:هناك البعض من الأحزاب السياسية الجزائرية و آراء دولية حملت المسؤولية على عاتق مصر، برأيكم هل الحكومة المصرية لوحدها المذنبة أم هناك إلى جانبها دول عربية وإسلامية المسؤولة على ما آلت إليه فلسطين؟ في هذه الحالة لا يمكن لبعض الآراء التي تحاول رمي المسؤولية على عاتق دولة واحدة، بسبب قضية ليست مصرية فقط وإنما هي قضية عربية، إسلامية و دولية. فالكل في هذه الحلقة مطالب في الوقت الذي أصبح فيه الكيان الصهيوني أداة للقوى الغالبة الولاياتالمتحدةالأمريكية يتحرك بدون ضوابط متحديا القوانين والأعراف الدولية و كل القيم الإنسانية و لوضع خد لهذه العربدة فكل الأنظمة العربية مطالبة بإعادة النظر في مواقفها تجاه هذه القضية و تجاه مواقفها الوطنية لكي تبني لنفسها مكانة تؤهلها لمواجهة ما هو حاصل الآن و ماهو آت. المسار العربي: هل تعتقد أن الجامعة العربية ستبدي هذه المرة رد فعل إيجابي تجاه ما قامت به قوات العدو؟ الجامعة العربية بيتنا الوحيد الذي نلتقي تحت سقفه لا يمكن أن نحمله المسؤولية لأنه لا ينطق إلا بما تمليه عليه هذه الأنظمة العربية المكونة له و لذلك فإن رد الفعل الذي سيصدر باسمه هو في الواقع معبر عن مواقف الأنظمة العربية فإن كانت هناك أي إيجابيات ستتخذ في هذا الإطار فهي من فعل هذه الأنظمة و إن كان العكس و هو المنتظر في الوقت الحاضر. فإن هذه الأنظمة ستتحمل مسؤوليتها أمام التاريخ والشعوب.. و الدافع على مثل هذا القول أن عربدة الكيان الصهيوني ليست جديدة و إنما عرفنا مثلها وأكثر في جنوب لبنان و في الحرب على غزة و في الاعتداء الأطفال و النساء و الإنسانية و كذا على المقدسات، وهذا كله حدث أمام أعين العالم و مؤسساته المتنوعة سواء كانت الحكومية أو غير الحكومية و لم تتخذ هذه الأطراف ما كان مرجوا منها. فهل ستحرك هذه الحادثة " الضمير العالمي"؟ يمكن ذلك و لكن عندما نمتلك نحن في المنطقة العربية إمكانات المقدرة التي تجعلنا نوصل صوتنا إلى هذا العالم و نؤثر فيه بما يخدم مصالحنا، أمل ممكن تحقيقه و لكن .. المسار العربي: في اعتقادكم هل سيأتي مجلس الأمن الدولي في هذه المرة بموقف منصف و يعطي لكل ذي حق حقه؟ حسب تصوري، كل ما سيحدث سواء تحت عنوان الشجب أو الإدانة أو الاستنكار أو الاستهجان وما شابه ذلك عن المؤسسات الدولية و في مقدمتها مجلس الأمن الدولي فإنه لا يسمو من وجهة نظري إلى مستوى هذه العربدة الصهيونية و إلى وضع حد لها ما دام الكيان الصهيوني محميا من قبل القوى الكبرى التي ما تزال توظف كل ما يقع في المنطقة لخدمة مصالحها و في ظل وجود أنظمة غير قادرة العربية والإسلامية على اتخاذ القرارات لخدمة القضية. .. والمؤسف له أن كثير من الأنظمة وحتى المؤسسات الدولية تبحث باستمرار عن مبرر تتنصل بواسطته من تحمل مسؤوليتها تجاه القضية الفلسطينية.. وقد أكون مبالغا أن كل ما يحدث في المنطقة ومن ضمنها التصرف الهمجي هو أمر مخطط له من قبل العديد من الأنظمة والمؤسسات لخدمة مصالحها بالدرجة الأساس. لأن الذي يريد خدمة القضية الفلسطينية عليه أن يوظف إمكانياته الوطنية واتخاذ قراراته الملزمة له تجاه ما يحدث داخل فلسطين وفي محيطها لإيجاد حل للقضية الفلسطينية "و يكفي تسترا وراء قافلة الحرية وتبني ما حدث إلى حد الآن." هذا العدوان الغاشم قد عرى مواقف العديد من الأنظمة العربية والمواقف الدولية بأسرها، كما فضح سياسة حصر القضية الفلسطينية في باخرة وفي اعتداء على مجموعة من المناضلين وتناسى الجميع بان القضية الفلسطينية هي اكبر من هذا الحجم، هي تحرير ارض، هي حرية شعب، هي ليست القدس فقط وليست غزة فقط فلقدس وغزة رب يحميها أما ما تناضل امة من اجله هو تحرير ارض وتحرير إرادة وبناء مقومات تعيد للفلسطينيين وللشعب العربي كرامته التي أهدرت على أكثر من مستوى حتى لا تتحول مناطق أخرى كالعراق، الصومال، والسودان وغيرها إلى ما يشبه غزة. وبناء على ما قلت، فإننا مدعوون أو مطالبون إلى تحويل ما عندنا من إمكانات مادية ومعنوية من مفهوم القوة إلى مفهوم القدرة والمقدرة لان المقدرة وحدها هي التي تصنع الإرادة الحقيقية للعمل والمواجهة، أما القوة المتوفرة عندنا فإنها لم تجد إلى حد الآن من يوصفها بالطريقة الصحيحة التي تنقل الفعل إلى مفهوم المقدرة. المسار العربي: برأيكم في ظل ما شهده العالم أول أمس هل سيكون نقطة تحول الصراع العربي الإسرائيلي إلى صراع عالمي إسرائيلي؟ فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي فان عدم التمكن من تحديد أبعاده في الزمان والمكان أدى إلى الإساءة إليه وعدم إفادته من مقومات الأمة العربية والإسلامية وذلك من خلال التذبذب الذي صاحب هذا الصراع منذ نشوئه إلى اليوم.. فهو مرة صراع عربي إسرائيلي ومرة إسلامي يهودي ومرة فلسطيني إسرائيلي وكل هذه الدوائر أدت إلى دخول أطراف لم تخدم القضية من أساسها ولكن وضعتها لخدمة مصالحها ( مصالح هذه الدول ) ولو تمكن الفلسطينيون من رسم دائرة لهم منذ المنطلق تحدد موقعهم وترسم خطبهم ومخططاتهم وتوضح آليات عملهم لحققوا أفضل مما حققوه إلى اليوم. والمثال على ذلك ثورة التحرير الجزائرية المباركة التي رفضت منذ البدء إملاء شروط عليها فيما يتعلق بنضالها وبحربها ضد الاستعمار، سواء كان ذلك من قبل أطراف داخلية أو من قبل قوى خارجية مما جعلها دوما صاحبة قرار مستقل وهو ما نراه مفتقدا بالنسبة للقوى الفلسطينية في الوقت الراهن وذلك بسبب تدخل العديد من القوى الدولية للدفاع عن مصالحها عبر توظيف القضية الفلسطينية بكل حيثياتها. المسار العربي: شكرا لك دكتور.