التقت المستقبل بالروائي الجزائري ياسمينة خضرا خلال تواجده بتونس ورئاسته لجنة تحكيم ايام قرطاج السينمائية، حدثنا من خلال هذا الحوار عن هذه التجربة وتعليقه عليها، كما القى الضوء من خلال هذا اللقاء على العديد من المواضيع أهمها إقصاءه من طرف الدوائر الباريسية من الجوائز الادبية واعترافه أن ذلك جاء نتيجة لموقفه الصريح والمعلن من المعرض الدولي للكتاب بباريس والذي قاطعه بسبب مشاركة اسرائيل. كما تحدث من خلال هذا الحوار عن مشاريعه السينمائية والمسرحية المستقبلية، معلقا ايضا على قضيتين الاولى تاريخية والخاصة باعتذار فرنسا للشعب الجزائري والثانية سياسية حول مشروع الاتحاد المتوسط. المستقبل: كيف ولدت فكرة رئاستك للجنة تحكيم الدورة ال22 أيام قرطاج السينمائية، وما تعليقكم في كون انه لأول مرة منذ 1966 يرأسها روائي جزائري؟ الروائي ياسمينة خضرا: سعيد جدا بهذه التجربة، أما بالنسبة لاختياري فلست ادري لماذا؟ الأكيد أني كنت بمكتبي حتى اتصلت بي درة بوشوشة مديرة أيام قرطاج السينمائية واقترحت عليّ هذه المهمة، وقبلتها لأنني وبكل بساطة من محبي السينما، ويمكن أن أقول أنها ليست تجربتي الأولى مع المهرجانات السينمائية، بل ساهمت بما استطيع في الطبعة الأولى للمهرجان الدولي للفيلم العربي بوهران، وكل هذا من منطلق أن السينما لها صدى اكبر من الكتاب ولأنها تدخل أي بيت وتخاطب أي أسرة ولا يجب أن تكون متعلما لمشاهدة فيلم. أنا اعتبر أن تجربتي هذه ليست تشريفا وإنما تكليف ونحن نحاول دوما أن نكون في خدمة هذا المهرجان وخدمة السينما العربية والافريقية. الأكيد أن مهمة رئاسة لجنة تحكيم مهرجان سينمائي كانت متعبة؟ كل ما أقوله أن أيام قرطاج السينمائية كانت ماراطونية لم اشهد من قبل وتيرة مثلها وكأننا في الجيش، وتذكرت أيام خدمتي العسكرية. كنا في اليوم نشاهد أربعة أفلام طويلة وعددها في المجموع كان 18 فيلما طويلا و8 أفلام قصيرة وأوقات الفراغ بين كل هذه الأفلام كادت آن تكون منعدمة حتى أننا في بعض الأحيان كنا نشاهد الفيلم تلو الفيلم دون فترة للراحة، ويعود الريتم السريع لبرمجة المهرجان، وكل ما أتمناه ان يعاد النظر في هذه القضية خلال الطبعة القادمة، والعمل على تحسين ظروف عمل لجنة التحكيم، لانهم بحاجة ماسة لصفائهم الفكري خلال متابعة الافلام وإعطائها حقها في المشاهدة والتقييم. هناك طرق لتحكيم الافلام، هناك من يدعمون العروض الخاصة وآخرون يدعمون فكرة المشاهدة مع الجمهور، أي الطريقتين تؤيدون؟ أنا مع الطريقتين، أي مشاهدتها في عروض خاصة ومع الجماهير لان لكل طريقة مزاياها والاجمل ان تكون في قاعة العرض وتلتمس موقف الجماهير من الفيلم، يبقى ان أشير فقط لنقطة البرمجة التي يجب ان تكون مواتية لطاقم التحكيم. فيلم سينمائي "موريتوري" ثم رئيس لجنة تحكيم ايام قرطاج السينمائية هل هذا يعني انكم ستنسحبون من المشهد الروائي الى الفن السابع؟ لا اظن ان الانسحاب الذي تتحدثين عنه سيحدث، انا سأبقى دوما روائيا، لكن حبي للسينما يجعلني في بعض الاحيان اكتب سيناريوهات مثل ما حدث مع فيلم عكاشة تويته "موريتوري" ولي مستقبلا سيناريو مع المخرج والمنتج الجزائري بشير درايس، كما اني قبل ادارتي للمركز الثقافي الجزائري بباريس امضيت عقدا مع منتج فرنسي مهم جدا وكذا مخرج كبير لكنني الغيت العقد بسبب مهامي على رأس المركز. الجزائر تحتضن الصالون الدولي للكتاب هل ستشاركون فيه؟ لا لن اشارك في هذه الطبعة روايتكم "إعتداء" ستكون مشروع مسرحية لمراد سنوسي سيعرضه مستقبلا على ركح المسرح الجهوي لوهران حدثنا عن هذه التجربة؟ لقد اعطيت موافقتي لمراد سنوسي ولا دخل لي في اقتباس الرواية، فشيئ جميل ان يهتم الجزائريون بالاداء والابداع وان نقوم باقتباس مسرحية من رواية ادبية كما يفعل مراد سنوسي، علما ان ظاهرة اقتباس رواياتي للمسرح ليست المرة الاولى فهناك مسرحيتان بفرنسا تم تحويلهما للمسرح اما بالجزائر فهي تجربة الاولى من نوعها التي يخوضها مراد سنوسي. سينما ثم مسرح، هل لديكم مشاريع للشاشة الصغيرة؟ بالفعل انا بصدد كتابة سيناريو للتلفزيون حول شخصية المفتش لوب وكتبت لغاية الان ما يقارب الساعتين من مجموع الست ساعات المقرر لهذا المشروع . هل سيعرض خلال رمضان؟ لا اظن لاني لم انته بعد من كتابته وهو طويل بالنظر لنوعية برامج هذه الفترة. سمعنا ان نفس الشخصية أي المفتش لوب سيتحول لرسوم متحركة، ماذا تقول بخصوص الموضوع؟ بالفعل كان لي لقاء اخوي مع محمد بوصلاح وهو منذ خمس سنوات وهو يرسم في المفتش لوب، وحتى التلفزة الامريكية تريد شراء شخصية المفتش لوب. روايتكم الاخيرة "مايدين به النهار الليل" كان لها وقع نقدي وجماهيري طيب ما الذي اردتم قوله في هذه الرواية؟ النقد كان رائعا سواء بفرنسا او الجزائر والعديد من بلدان العالم وفي مجموعه كان مشجعا، وعملت من خلال روايتي الاخيرة الى العودة للتاريخ وكل ما اتمناه انني لم اخيب ظن القراء بما كتبت. من العشرية السوداء ثم فلسطين في روايتكم "الصدمة" والتاريخ الجزائري في روايتكم الاخيرة ما هو الموضوع الذي ستكتبونه مستقبلا؟ لحد الان لست ادري، ماذا سيكون كتابي القادم، لانني في حالة حرب مع باريس فقد اقتحمتهم بشدة هذه المرة ولا افكر حاليا في كتابي القادم . ٍهل هذا راجع للموقف الباريسي الاخير واستبعادكم من جوائزهم الادبية؟ لا القضية ليست استبعادي من جوائزهم وقد عبرت عن موقفي الصريح من خلال شاشات التلفزيون الفرنسية، اذ ليس هناك رواية بفرنسا حققت الصدى النقدي والجماهيري كالذي احدثته كل رواياتي وبخاصة روايتي الاخيرة اللهم ما كان ولازال يكتبه أمين معلوف، ورغم هذا تم استبعادي من جوائزهم، انا لا اعلق على الجوائز بل على عملية استبعادي فكل ما كان لدي كتاب يحصل نفس الامر خاصة ان كتابي "مايدين به النهار الليل"مقارنة بما هو موجود هو حقيقة الفرق بين الليل والنهار، ولم افهم هذه العنصرية والحقد على الجزائر واصبحت لا اتحمل كل هذا. الا ترون ان موقف باريس منكم قد تغير مباشرة من بعد تسلم ادارة المركز الثقافي الجزائري بباريس ؟ في باريس يحبون دوما ان يكون الفنان او الاديب ضد بلده، وحتى تحظى بحبهم يجب ان تكون ضد بلدك وتسبها، فانا صحيح قدمت نقدا لاذعا عن الوضع الاجتماعي والسياسي والثقافي ببلدي لكن ليس هناك كره بل كان كل ذلك من منطلق حبي لهذا الوطن، وادرك دوما ان الجزائر تستحق دوما الافضل، واحاول من خلال كتاباتي تسليط الضوء على الاخطاء وان اقول لماذا لا نتقدم الى الامام .أن أكون عدوا لوطني لارضاء المجموعات الباريسية هو أمر مستحيل ولن افعله. اذا ما هو السبب الحقيقي للاقصاء من جوائزهم؟ اظن ان السبب الحقيقي مرده موقفي الاخير خلال المعرض الدولي للكتاب بباريس، حيث قاطعت المعرض بسبب اسرائيل، وهم يحاولون الان العمل على فرض رقابة على كتبي لكن كل هذا لم يمنع ان كتابي الاخير حقق مبيعات مهولة بلغت 100000خلال شهرين .
قبل ادارتكم للمركز الثقافي الجزائري بباريس، كان يتعرض لانتقادات لاذعة بخصوص البرمجة ما الذي تقدمونه الان لرواد هذا الصرح الثقافي ؟ أول شيئ ركزت عليه التعريف بالمركز لان كثيرين لا يعرفون بوجوده، لذلك كنت اشترط عند عقد أي حوار اولقاء ان يكون داخل المركز واشترطت ايضا ان يتم تصوير مدخل المركز وهي الطريقة التي ارى انها تعرف به من خلال شاشات التلفزيون الفرنسية والاجنبية. فيما يخص البرمجة انا اعترف انها ليست خارقة للعادة لكنني احاول ان يكون برنامجا حيويا وان اقرب الجماهير الجزائرية من هذا المركز من خلال اقتراح مواضيع مهمة، لكن المفارقة انه عندما يكون حفل فني ساهر تكون جماهير غفيرة واذا تعلق الامر بمحاضرات او أي نشاط ادبي تكون القاعة فارغة. انا بفضل علاقاتي بامكاني استدعاء مشاهير الثقافة وحتى من فازوا بجوائز نوبل لكن ما جدوى ذلك اذا لم يكن هناك جمهور. اليوم الذي يفهم فيه الجزائري ان الثقافة هي كل جزائري وجزائرية، هذا اليوم يمكننا ان نفكر في طموحات اكبر لبرمجة المركز. تم مؤخرا تنحية مدير المكتبة الوطنية ما تعليقكم على هذا الخبر؟ لا تعليق لدي على هذه القضية، لانني لم افهم ما الذي حدث، ولا يمكن ان اتدخل في قضية لا اعرفها، فقد كنت بباريس ثم تونس ولا اعرف شيئا عن حقيقة ما حدث، لكنني مقتنع اني ضد الرقابة وكل واحد يجب ان يتحمل مسؤولية ما يقول ويكتب امام جمهوره وضميره فقط. يحاول الكثيرون حصر الرواية الجزائرية في مصطلحات وتعاريف مستجدة كأن نقول الادب الاستعجالي ما رأيكم في ذلك؟ الادب الاستعجالي لا وجود له وإنما هو نوعية من الادب تتطرق لأحداث آنية، وكنت مندهشا ان البعض كان يحاول يائسا وضعي ضمن هذه الفئة، في حين أن ما اقوم به هو كتابة رواية ادبية وهذا الذي يهمني فقط، وما أقدمه للقراء، وانا أجد أن الادب الجزائري هو أقوى ادب بالمغرب العربي وحتى بالعالم العربي تقريبا. ماهي آخر رواية جزائرية شدت انتباهكم؟ في الحقيقة العديد من الروايات اذكر منها جمال ماضي، بن فوضيل، شوقي عماري، فاطمة بن بخاي وأنا معجب كثيرا بما تكتب وايضا كمال داود، في الحقيقة الجزائر تمتلك مبدعين والمشكل ان ثقافتنا ومثقفينا ليست مسوقة من طرف الاعلام للجماهير، هذا الذي يجعل الكاتب في وضعية حرجة . تعملون بباريس ومؤخرا نشهد موجة اعتراف من طرف الاستعمار على جرائمه من كل البلدان إلا من فرنسا التي ترفض القيام بذلك والاعتذار للجزائر، كيف ترون موقفها وانتم تعيشون فيها؟ انا اقول دوما انه على فرنسا ان تعترف بالضرر والخراب الذي سببته للجزائر خلال 132 سنة من الاحتلال وعملية مسخها للشخصية الثقافية الوطنية ونهب الارض ما عليها وما بباطنها، وعلى كل الجرائم والمجازر التي اقترفتها في حق الشعب الاعزل، ولا أفهم موقف فرنسا الرافض لانضمام تركيا للاتحاد الاوربي بحجة ما اقترفته تركيا من جرائم في حق الارمن في حين نفس هذه فرنسا ترفض الاعتراف بما اقترفته في البلد الذي استباحته 132 سنة . على الرغم من ذلك دعا الرئيس ساركوزي الجزائر لعضوية الاتحاد من أجل المتوسط ما رايكم في المشروع؟ يجب أن نكون أذكياء مع هذا المشروع وأن نكون على علم ودراية بما ننتظره من هذا الاتحاد، ونسأل هل سنكون مجرد فضاء له أم انه مشروع حقيقي للتعايش والتبادل وبالإجابة على هذا السؤال نحدد ما الذي نريده فعلا من مشروع الاتحاد من أجل المتوسط .