في هذا الحوار، يعود المنتج السينمائي بشير درايس، للحديث عن إنتاجه المرتقب في الربيع المقبل للفيلم المستوحى من واحدة من روايات الكاتب ياسمينة خضرا، والحديث عن صداقته مع الروائي· ويكشف عن الأسباب التي دفعت بياسمينة خضرا لرفض اقتباس روايته ''الاعتداء'' من طرف استوديوهات هوليوود· كانت بداية تعاونكم مع ياسمينة خضرا عام ,2000 حيت تم الاقتباس السينمائي لرواية ''موريتوري'' من طرف المخرج عكاشة تويتة؟ صحيح، كان أول لقاء مع ياسمينة خضرا بصفتي منتج سينمائي، كنت أسعى لإنتاج أول أفلامي بمبلغ لا يتجاوز عشرة ملايين سنتيم رفقة عبد الكريم بهلول· اتصلت حينها بالروائي لمحاولة التعامل معه في كتابة سيناريو، كانت موافقته بداية التعارف· فقد استقبلني في منزله وسط عائلته لأيام، فكانت فرصة لمعرفة الرجل عن قرب· اكتشفت رجلا شديد الكرم لا ينتظر المقابل من أحد· كانت لنا نقاشات في منزله غاية في الثراء· تلمست فيه شخص المثقف الذي يدافع عن أفكاره بكل ما أوتي من قوة، مع ذلك يظل شديد الاحترام لأفكار غيره منفتحا على الجميع· من وجهة نظري، فإن ياسمينة خضرا من أهم المثقفين الذين تحظى بهم الجزائر، من هنا بدأت صداقتي به· على ذكر فيلم ''موريتوري''، قيل إن ياسمينة خضرا لم يكن راضيا عن الفيلم الذي أخرجه تويتة؟ هذا صحيح، غير أن اللوم لا يقع على المخرج فقط، فقد كانت هناك ظروف· اضطر عكاشة تويتة للعودة للثلاثية من أجل إخراج الفيلم· المشكلة الحقيقية تمثلت في الإمكانيات الزهيدة التي حظينا بها لإخراج الفيلم، فقد كانت لا تتجاوز ستة ملايير سنتيم، بالنسبة لمشروع فيلم يتطلب ما لا يقل عن 25 مليار سنتيم· هذا النقص في ميزانية الفيلم اضطر المخرج للتنازل عن الكثير من اللقطات التي لم تسنح له الفرصة لإخراجها، وبالتالي الاختصار، وهو ما لم يرق لياسمينة خضرا· الأكيد أنه لو توفرت لنا إمكانيات معتبرة للقي الفيلم نجاحا أكبر· سنتمكن عن قريب من مشاهدة شخصية المفتش لوب على شاشة السينما والتلفزيون، مع العلم أنه من أهم الشخصيات في روايات ياسمينة خضرا، كيف طرأت لكم الفكرة؟ الواقع أن الفكرة تعود للمخرج عكاشة تويتة، وذلك خلال تصوير فيلم ''موريتوري'' عام ,2005 أعتقد أننا فكرنا في الموضوع في ذات الوقت· نرغب في إخراج عمل مستوحى من هذه الشخصية التي رسمها يسمينة خضرا بكثير من الدقة والتي تحمل الكثير من المواصفات التي تجسدت في مغامرات ترسم ملامح الجزائر خلال فترة محددة من الزمن، مثلما صورها الروائي آنذاك· كان من المقرر أن يكون الإنتاج من طرف قناة عربية، غير أن المفاوضات لم تفلح، وهو ما دفعنا للتوجه للتلفزيون الجزائري، حيث كان التفاوض مع المدير السابق حمراوي حبيب شوقي الذي وافق مباشرة على المشروع· شرعنا في كتابة السيناريو عام ,2007 ومن المقرر أن ينطلق التصوير خلال السنة الحالية· كيف كان العمل مع ياسمينة خضرا؟ ياسمينة خضرا من عشاق ومتتبعي السينما، وهو يدرك تماما مصاعبها، كل منا كان يعمل من جانبه، ثم تأتي مرحلة الالتقاء حيث يتم تبادل الأفكار ومناقشتها من أجل إجراء التعديلات الأخيرة· لدى ياسمينة خضرا طريقة خاصة في العمل تجمع بين الثقة والدقة، حيث أنه متطلب حين يتعلق الأمر بالعمل، يسمع لكل الاقتراحات ويتجارب معها، غير أنه لا يفاصل في ما يعتقده مهمّ· حين كانت الشخصيات تبدو متقادمة كان الروائي يعمل على إجراء بعض التحديثات من خلال إقحام عناصر جديدة كي تبدو أكثر ملاءمة مع الوقت الحاضر· من أمثلة ذلك فإن محاربة الإرهاب التي كانت رائجة في فترة كتابة الرواية، تم تعويضه بالإجرام، حيث نجد المفتش لوب يتصدى لغسيل الأموال، التهريب وغيرها من عمليات الإجرام المنظم· ماذا عن التصوير؟ دام أكثر من أسبوعين والحق أنه كان غاية في الصعوبة والصعوبة لم تقتصر في قلة الإمكانيات المادية وإنما في عدم وجود معدات التصوير الملائمة لتصوير هذا النوع من الأفلام البوليسية الذي يرتكز على الفرجة عالية الجودة· لكن ما حدث أننا لم نجد ما يلزمنا من وسائل التفجير والأسلحة وغيرها، مما يمنح الفيلم الحركة وعنصر التشويق، الذي يمنحه مصداقية، فالوضع الأمني يمنع استخدام مثل هذه التجهيزات· متى يمكن للمفرج أن يشاهد الفيلم التلفزيوني والفيلم السينمائي؟ الفيلم في مرحلة المونتاج، وحسب اعتقادي فإنه سيتم تسليم العملين في غضون ثلاثة أشهر· العرض الأول للفيلم السينمائي سيكون في ذات الوقت في العاصمة، أما فيما يتعلق بتاريخ عرض الفيلم التلفزيوني فإنه من صلاحيات التلفزيون الجزائري الذي يقرر بثه على القناة· متى تشرعون في تصوير الفيلم المستوحى من رواية ''فضل الليل على النهار''؟ لا أملك التاريخ بالضبط، إذ مازلنا في مرحلة كتابة السيناريو من طرف السيناريت الفرنسي دانيال هامون· يفترض أن يكون جاهزا مطلع الربيع المقبل· سبق لنا العمل على تحديد مواقع التصوير في السنة الماضية، وقد كان الاتفاق على أن نلتقي في مارس المقبل· وهي الفترة التي أكون فيها متفرغا تماما للعمل الجديد وذات الأمر مع المخرج ألكسندر أركادي، الذي يستكمل حاليا اللمسات الأخيرة على فيلمه قبل الالتحاق بنا· يبقى الرجاء أن تسير الأمور كما تم التخطيط لها، ويتم منحنا التراخيص اللازمة من أجل التصوير، والأهم أن تتوفر الإمكانيات الضرورية لإنجاح هذا العمل· فالجدير بالذكر أن جزءا كبيرا من القصة تدور أحداثها خارج العاصمة، مما يتطلب تعاون السلطات المحلية والأمنية· رواية ''الاعتداء'' بالرغم من كل ما قيل عن إمكانية تجسيده في فيلم من طرف استوديوهات هوليوود، إلا أن المشروع لم ير النور؟ في بداية الأمر تم الاتفاق مع منتجي هوليوود على أن يتم العمل مع المخرج اللبناني زياد الدويري، الذي سبق وأخرج فيلم ''بيروت الشرقية''، كما سبق له العمل مع المخرج الأمريكي كونتان تارونتينو، وبالفعل شرع في صياغة السيناريو، غير أن المنتجين لم يرق لهم الأمر فاضطروا لاستبداله بالمخرج جيريمي بروك· هذا الأخير الذي سبق له إخراج فيلم ''آخر ملوك اسكتلندا'' عن قصة حياة إيدي أمين دادا، شرع في كتابة سيناريو جيد، لكن مرة أخرى يبدو أن المنتجين لم يتوافقوا مع المخرج، وهو ما جعل ياسمينة خضرا يخشى من التلاعب بموضوع الرواية، سيما وأنه لم يتمكن من متابعة تفاصيل الكتابة والاقتباس· خشي من التلاعب بالمضمون ونسب أشياء لم تتضمنها الرواية له، فما كان منه إلا أن رفض العرض الأمريكي· هل تسنى لكم قراءة آخر رواية لياسمينة خضرا الصادر حديثا عن دار جوليار للنشر؟ لا، ليس بعد، كتابات ياسمينة خضرا في مجملها تشعرني بالغبطة، إذ على الرغم مما يثار حوله فإنه روائي عرف معنى المعاناة قبل أن يتمكن من فرض ذاته في الساحة الأدبية الباريسية المغلق· بالرغم من محاصرة وسائل الإعلام له، أكثر من ذلك فإن البعض حاول عرقلته· لا يرجع الفضل في النجاح الذي يحققه اليوم لأحد سوى موهبته الفذة·