لم تكن تتخيل أن رحلتها إلى سوريا وزواجها من عراقي سيحول حياتها إلى جحيم، وقد أنجبت منه طفلة لتطلق فيما بعد وتعزم الرجوع إلى الجزائر بلدها الأصلي. اسمها فاطمة ناشف من مواليد 1967 مطلقة وأم لطفلة لا تتعدى ربيعها السادس رفض زوجها العراقي التكفل بابنته هناء فصارت العائلة الصغيرة من المحكومين عليهما جورا، وهي اليوم تعيش في غرفة بفندق يهدد صاحبه بطردهما في أي لحظة إن لم تدفع الأم مستحقات المبيت، وقد يحتضنها الشارع كما احتضن مثيلاتها، غير أن الصبا لم يشفع للطفلة هناء أن تهنأ بدفء البيت، وبين هذا وذاك تؤكد والدة الطفلة أنها لم تترك بابا إلا وطرقته بداية من دار الصحافة وصولا إلى مقر وزارة التضامن كاشفة أنها تقتات من تبرع المحسنين وتدفع إيجار الفندق بكلفة 700 دج لليلة الواحدة من تبرعاتهم كذلك، ورغم الوضع الإنساني المتدهور الذي تعيشه المرأة فإنها لا زالت تعتز بانتمائها لهذا البلد آملة أن يحل مشكلها في أسرع وقت ممكن، لأنه بات لا يمكنها المكوث أكثر بعد "تعليمة" صاحب الفندق الذي "فعل الخير" على حد قولها، لكن لا بد للأم من حلول وإلا فالشارع الذي سيكون مأواها هي وابنتها الصغيرة في زمن "الكاسي فيه عريان". "المستقبل" زارت العائلة الصغيرة داخل الفندق الذي آوت إليه، وما شد انتباهنا أن الأم فاطمة تحاول جاهدة صنع ديكور بيت في مكان ليس لها، ورغم كل ذلك فإنها قاومت، وما يمكن أن يشعر به أي زائر لها في هاته اللحظات بالذات أن كل الأطر الموضوعية الجوفاء تسقط عند فوهة باب غرفة الفندق، وتبدأ القيم الإنسانية تشتغل، حينها فقط تغلب كل الصيغ ويحكم منطق الرحمة، هذا أقصى ما استطاعت أقلام الإعلام سبره ،إلا أن والدة هناء لا زالت آملة وتتوجه من خلال الإعلام المكتوب لإبلاغ صوتها علها تجد أسوارا تؤمها وابنتها وليس ذلك عنها ببعيد، إذا اشتغلت آلة التضامن وتم النظر إلى الحالات الاجتماعية المستعصية نظرة إنسانية بدل تعليقها تحت أسماء متفرقة.