رُزِئَتْ الساحة الأدبية الجزائرية بفقد الكاتب الطاهر وطار، أحد الوجوه الثقافية المتألقة في الجزائر وواحد من الشخصيات المميزة خلال الأربعين سنة الماضية، وضع بصماته البارزة على مسار الرواية الجزائرية. وكان رحيله صدمة حقيقية للوسط الثقافي الجزائري والعربي، إذ عرف بمنجز حافل ومتنوع في الكتابة والرواية نذكر منها رواية اللاز، والشهداء يعودون هذا الأسبوع، التي تحولت إلى مسرحية نالت جائزة في مهرجان قرطاج، وقصيدة في التذلل وهي آخر رواية كتبها وهو على فراش المرض في باريس. هذا الإرث تحويه المكتبة الوطنية الحامة وفضاءات مكتبية أخرى لا تقل أهمية وتأثيرا واستقطابا لروادها من مختلف الشرائح والاهتمامات الثقافية والعلمية، من قبيل مكتبة العالم الثالث ومكتبة كلمات، ومكتبة ميديابوك وغيرها، وكلها فضاءات تساهم بشكل أو بآخر في نشر المعرفة ونشر تقاليد القراءة إلا أنها تعاني نقصا في عدد نسخ مؤلفات الكاتب الطاهر وطار رحمه الله، حيث أكد لنا القائمون على هذه المكتبات التي قمنا بزيارتها أن سببه يعود إلى أن الموزع الوحيد لأعماله هي المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية وعمالها في عطلة. خلال جولتنا برمجنا مجموعة من الأنشطة الثقافية الموازية لفعل القراءة كمشروع مجتمعي، ولاحظنا إقبالا على روايات المرحوم الطاهر وطار الذي يمثل مدرسة لها تفرّدها وتأثيرها العميق في صياغة واتّساق الرواية. وقالت مسؤولة مكتبة ''كلمات'' بشارع فيكتور هيڤو، السيدة ''ل. م'' مكتبة ''كلمات'' هي فضاء للمعرفة والحوار، والسؤال، وتساهم في الحفاظ على الذاكرة الوطنية، وبما أن المكتبة فضاء لاقتناء الكتب، فكان لابد من توفير الكتب للقراءة، وروايات الكاتب الطاهر وطار منها، وقد عرفت نهما وإقبالا كبيرا من القراءة بداية من هذا السبت، أضافت: نعاني من فراغ في عدد النسخ الذي يقابله هذا التوجه الكبير من القراء نحو كتبه، وهذا لا يعني أن الإهتمام برواياته كان كبيرا قبل وفاته. أما مكتبة ''دار الكتاب'' بشارع علي بومنجل ومكتبة العالم الثالث، بشارع العربي بن مهيدي فقد أطلعنا أحد العاملين بها على جانب أساسي ما فتئت المكتبة تولّيه منذ افتتاحها المزيد من الاهتمام بالكتب، وخصوصا فيما يتعلّق بالأدب الجزائري، والرهان صعب لأن جميع نسخ روايات الطاهر وطارنفذت من المكتبة قبل موته الأسبوع الماضي، ونحن ننتظر من مختلف الفعاليات ذات العلاقة كالمؤسسة الوطنية للفنون المطبعية تزويدنا بنسخ أخرى. أكدت مسؤولة مكتبة ''الاجتهاد'' بشارع شاراس السيدة ''م. ط'' ل ''المستقبل'' الإقبال الواسع على كتب الطاهر وطار رحمه الله، وبما أن القراءة عامل مؤثر في التنمية البشرية فقد طلبت المزيد من النسخ بعد نفاذها. وفي مكتبة الفنون الجميلة الواقعة بشارع ديدوش مراد، أفادتنا مسؤولة البيع ''ت. ن'' أن روايات الطاهر وطار لقيت طلبا وتجاوبا كبيرا، إلا أنّها تعاني نقصا وندرة في عدد نسخها. وفي شارع أحمد زبانة أين تنصب مكتبة ''ميديابوك'' باللون الأصفر والوردي فقد عثرنا على كل ذخائر وعناوين الطاهر وطار سواء بالعربية والفرنسية. قال مسؤول المكتبة إنه بحكم تراجع دور الفضاءات الجامعية التي كانت دوما تلعب الدور الطلائعي لإنتاج المعرفة وتداولها، كان اختيارنا فتح قنوات تواصلية مع القارئ فكانت هذه المكتبة. الطاهر وطار من الروائيين القلائل الذين آمنوا بدور الرواية في تصوير حركة المجتمع، وهو كاتب ظلّ يعمل بجد ومثابرة وإخلاص شديد حتى استطاع في النهاية أن يحقق شيئا كبيرا، واستغرب قائلا: ''قبل وفاة الطاهر وطار لم تعرف المكتبة هذا الطلب على أعماله''. قبل أن نودع ساحة عمي الطاهر رحمه الله، هذا الرجل البسيط والعظيم الذي كان يحرص على استضافة المبدعين الجزائريين وغيرهم في الجاحظية لتأمّل المنجز والتفاعل معه، كان لزاما علينا أن نطرح السؤال التالي: ''هل وفاة كتابنا وراء اقتناء كتبهم'' سؤال ينتظر إجابة مقنعة.