مازالت العلاقة بين المرأة والتنمية علاقة ملتبسة في المجتمعات النامية بصفة عامة لذا من الطبيعي أن تحتل هذه القضية واجهة من حيث انعكاساتها ومداها. للقضايا المعاصرة في استراتيجيات وخطط كل دول العالم ، بالنسبة، وجاء التحول التاريخى فى ميزان القوة بالنسبة للمراة السويسرية التي أصبحت لأول مرة فى تاريخها تسيطر على مقاليد السلطة فى بلاد جبال الألب التى كانت ترفض تصويت المرأة حتى عام .1971 وتأتى سويسرا بعد فنلندا والنرويج وجزر الرأس الأخضر فى ارتفاع نسبة تمثيل النساء عن الرجال داخل حكومتها، إن مثل هذا الانجاز يجعل المرأة أكثر ثقة بنفسها .. أكثر جرأة .. أكثر وعياً, وتتكون لديها نظرة واسعة لأمور الحياة، بل الحياة بمجملها تستوعبها بمنطق علمي ... والمرأة العاملة والمناضلة الصادقة يصبح رأيها مسموعا ومحترما داخل العائلة والمجتمع المتواجدة فيه، الذي يحترم المبادرة الناجحة التي تمثل طموحاته. إن اشتراك المرأة اشتراكاً واسعاً وفعّالاً في النشاط السياسي والإجتماعي، والمساهمة في تطوير صراع الطبقات وإدارة شؤون الدولة والمجتمع , يشكل الجانب المهم والحاسم لانعتاق المرأة الكامل . والشرط الرئيسي لتطور المجتمع ونظامه السياسي، لأنه مدرسة عظيمة للتثقيف الثوري للنساء، مدرسة توقظ وعيهن الأيديولوجي والسياسي وتؤهلهن لاستيعاب دورهن العظيم والمهم في المجتمع. تؤكد الآراء الحديثة الواردة في أدبيات التنمية على أن نجاح برامج التنمية العالمية والتواؤم وقدرة المجتمعات على مواجهة التغيرات وضمان استدامتها، مرهون بمشاركة العنصر البشري وحسن إعداده وطبيعة تأهيله وتعتبر المرأة عنصرا مهما في عملية التنمية. وإذا ما أريد لهذا العنصر أن يكون فعالاً فلا بد أن تتوافر للمرأة معطيات أساسية تمكنها من المساهمة الإيجابية في حركة التنمية وتوجيهها، ويأتي في مقدمة هذه المعطيات الإنتاج الاقتصادي الذي يضعها في موضع القوة ويجعلها قادرة على خدمة مجتمعها. كما يعطي مؤشراً واضحاً على تفهم المرأة بدورها في بناء المجتمع وقدرتها الحقيقية على المشاركة في التنمية . يتصل مفهوم المشاركة بمفهومي التنمية والتمكين اتصالاً وثيقاً، فلقد أضحى من المسلم به أن تنمية حقيقية، يستحيل إنجازها على أي صعيد، دون مشاركة الناس باختلاف توجهاتهم، وفئاتهم وطبقاتهم وشرائحم الاجتماعية، في صنعها من ناحية، وفي جني ثمارها من ناحية أخرى. إن درجة المشاركة ونطاقها تحدد إلى درجة كبيرة توزيع القوة في المجتمع، بمعنى القدرة على إحداث تأثير في الآخر الذي قد يكون فرداً أو جماعة أو مجتمعاً بأكمله، إلى المدى الذي نستطيع أن نقول فيه أن المشاركة والتمكين هما وجهان لعملة واحدة. أي أن المشاركة لا تستهدف فقط تنمية المجتمع وصنع مستقبله بل تستهدف أيضا تنمية الذات المشاركة وتطوير قدراتها وإمكاناتها ووجودها الفاعل والمؤثر في الحياة الاجتماعية على أصعدتها المختلفة. ومن هنا فإن درجة مشاركة النساء في الجوانب المختلفة للواقع الاجتماعي تقف كمؤشر أساسي على وضع المرأة ومشكلاتها، ومكانتها وقوتها وتمكنها في المجتمع. تكتسب المشاركة إذن أهميتها ودلالتها بالنسبة للمرأة وقضاياها من حيث كونها آلية أساسية لتنمية ذاتها وتنمية المجتمع والواقع الاجتماعي وهما بعدان يرتبطان ارتباطاً جدلياً، فالذات أو الشخصية المتفتحة، القوية والمزدهرة والفاعلة هي القادرة على تحقيق النمو الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، كما أن النمو الاجتماعي بدوره يمكن أن يقاس بمدى الفرص التي يتيحها لتحقيق مشاركة القطاعات المختلفة وتفتحها وازدهارها وفاعليتها. و ميلاد أحقية المرأة في مجتمعنا كتاب له تاريخ، ولكن لا زال يبحث عن مباركة من بيدهم قرار التغيير .