عثرت هيئة الآثار الإسرائيلية على تسع عملات بينها دينار ذهبي يعود لعهد الخليفة العباسي هارون الرشيد، في مدينة "يفنه" القديمة الواقعة في الأراضي المحتلة في السهل الساحلي الجنوبي. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن تاريخ العملات المعدنية يعود للعصر العباسي، وعمرها 1200 عام، وقد وجدت في إناء مكسور من الصلصال والطين، وتضمنت قطعا نادرة من شمال أفريقيا وأخرى أصدرها الخليفة هارون الرشيد؛ وأظهر الاكتشاف أن المنطقة كانت حية قديما. وقال موقع "والا" الإسرائيلي إن علماء الآثار التابعين للهيئة فوجئوا أثناء عمليات حفر تمهيدا لإقامة منطقة سكنية، بالعثور على إبريق فخاري صغير فيه تسع عملات ذهبية. وأضاف أن العملات تعود لعصر إسلامي قديم هو القرن التاسع الميلادي (الثاني الهجري)، كما اكتشفت في الموقع ذاته منشأة صناعية واسعة كانت نشطة قبل مئات الأعوام، بحسب المصدر ذاته. ونقلت صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن الأكاديمي روبرت كول، وهو خبير في النقود في هيئة الآثار الإسرائيلية، قوله إن المستكشفين ظنوا أن العملات تعود للحقبة الأموية، لكنه تعرف عليها وأكد أنها تنتمي للحقبة العباسية. وأضاف أن علم الآثار ليس علما دقيقا، خاصة بالنسبة لعلم الآثار الإسلامية في إسرائيل، وأضاف "لا نزال لا نعرف دائما ما نجده".ويستدرك كول قائلا: لكن في المقابل تعد العملات المعدنية علما دقيقا، فهي محددة للغاية وتحمل تاريخا مكتوبا ومعلومات عن السلطات التي سكت العملة، والعملة التي عُثر عليها تعود لما بعد حوالي 80 عاما من انتهاء حكم الأمويين عام 750 للميلاد (132 للهجرة). ولم يستخدم الذهب في أوروبا الغربية بين القرن الثامن والثالث عشر بحسب تصريح خبير الآثار للصحيفة الإسرائيلية، لكنه استخدم بشكل كبير في الإمبراطورية البيزنطية والعالم الإسلامي بسبب التجارة الدولية النشطة في ذلك الوقت. ويقول كول لصحيفة هآرتس "كانت العملات الذهبية هي السمة المميزة للتجارة الدولية، وكان هناك نظام ضريبي متطور للغاية، وكان للذهب دور مهم في الاقتصاد المحلي وخاصة في الاقتصاد الدولي". ومن بين العملات أيضا دينار ذهبي يعود لسلالة الأغالبة (800-909 للميلاد/ 183-296 للهجرة) الذين حكموا شمال أفريقيا في العهد العباسي، ويعد ذلك الدينار عملة نادرة في المشرق العربي وبلاد الشام. وفي الجزء الآخر من الموقع المكتشف في "يفنه"، تم اكتشاف بقايا منشأة صناعية كبيرة من العهد الفارسي بين القرن الرابع أو الخامس قبل الميلاد، كانت تستخدم على ما يبدو في صناعة الخمر، حيث عثر على بذور عنب قديمة، بحسب المصدر ذاته. السياسة والآثار وفي مقال نشر مؤخرا للصحفي البريطاني جونثان جورنال، اعتبر أن الاكتشافات الحديثة للآثار في إسرائيل في العام الماضي ليست بعيدة عن السياسة، إذ تعزز الكشوفات الأثرية التي تعلن عنها السلطات إسرائيلية أفكارا يتقاسمها المسيحيون الأصوليون واليهود المتشددون، لتقديم أدلة أثرية لدعم العهد القديم؛ بخلاف هذا الكشف الذي يعد تدعيما لوجود عربي قديم ومتصل في المنطقة. ورغم أن المعتقد الديني لا ينبغي أن يحتاج لدليل أثري بحسب مقال الكاتب المنشور في "آسيا تايمز"، فإن هذا التصميم في العثور على أدلة مادية يكتسب وجها سياسيا متعلقا بهوية إسرائيل ومحاولة تدعيم المطالبات اليهودية بالأراضي المقدسة. وهكذا تستخدم مجرفة عالم الآثار كأداة للسياسة بحسب الكاتب الذي يقتبس ما كتبه أستاذ الدراسات الفلسطينية بجامعة لندن نور الدين مصالحة، فيقول إن أي محاولة لمناقشة الجوانب التاريخية للتوراة في إسرائيل تعد بمثابة محاولة لتقويض القومية اليهودية، بحسب كتاب مصالحة عام 2013 المعنون ب"الكتاب المقدس الصهيوني".ولدى الجيش الإسرائيلي وحدة آثار مسؤولة عن الحفريات في معظم أنحاء الضفة الغربية، وهي الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967، ووفقا لاتفاق السلام يتم التفاوض بشأن وضع الضفة الغربية -والقطع الأثرية الموجودة فيها- في محادثات سلام لاحقة، ولكن حتى ذلك الحين يواصل علماء الآثار العسكريون حفر -ومنح تصاريح تنقيب للأكاديميين الإسرائيليين- في الضفة الغربية والمناطق المحتلة، بحسب تقرير سابق لموقع آن بي آر الأميركي. ووفقا لعالم الآثار الإسرائيلي رافي غرينبرغ الذي يعد ناشطا مع مجموعة يسارية من علماء الآثار تنتقد الحفريات الإسرائيلية في الضفة الغربية، فإن السلطات الإسرائيلية لا تنشر قائمة الحفريات أو قائمة الاكتشافات أو مواقعها، وفي المقابل يتم الاحتفاظ بكل هذه البيانات كأسرار دولة.