أعلنت المعارضة في مدغشقر عزمها إجراء إنتخابات رئاسية في البلاد في غضون عامين وذلك بعد أن سلمت القيادة العسكرية كامل صلاحيات القيادة لزعيم المعارضة اندي راجولينا كرئيس للسلطة الانتقالية عقب تقديم الرئيس مارك رافالومانانا استقالته وتسليمه السلطة إلى مجلس عسكري بعد فقدانه السيطرة على الحكومة والجيش. وبعد مرور سبعة أسابيع من الاضطرابات السياسية التي عمت البلاد أصبحت قوات الجيش تتلقى الآن تعليماتها من زعيم المعارضة راجولينا البالغ من العمر 34 عاما الذي أكد انه سيعمل على تمهيد الطريق من أجل إجراء انتخابات في البلاد في غضون 24 شهرا مضيفا أن "هناك حاجة إلى إحداث تغييرات دستورية وبعض الإصلاحات الأخرى في مدغشقر خلال هذه الفترة الانتقالية". وكان زعيم المعارضة راجولينا أكد أمس أنه "يملك تفويضا" يخوله رئاسة حكومة إنتقالية تتولى مقاليد السلطة فى البلاد وذلك بعد مضي ساعات قليلة على قيام قوات متمردة من الجيش باقتحام مكاتب تابعة للرئاسة في عاصمة البلاد. وفي هذا الشان طالب مجلس السلم والأمن الأفريقي طالب في اجتماع عقده أمس حول مدغشقر أطراف الأزمة السياسية هناك بضرورة التطبيق الصارم لبنود دستور البلاد حول ترتيبات الفترة الانتقالية المترتبة على استقالة الرئيس رافالومانا. وشدد المجلس في اجتماعه الذي يعد الثاني من نوعه خلال يومين متعاقبين لمتابعة التطورات المتلاحقة للأزمة السياسية في مدغشقر, ضرورة اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان سلامة الرئيس وأسرته ومرافقيه, واحترام الحريات الفردية والجماعية والامتناع عن القيام بأية أعمال عنف وحماية الممتلكات. وكان رئيس مدغشقر قد اعلن التنحى عن السلطة وتسليم مهام رئيس الجمهورية لمجلس عسكري فى حين اعلن زعيم المعارضة اندريه راجولينا نفسه رئيسا للبلاد. وبعد إعلان رئيس مدغشقر رفالومانانا الاستقالة من منصبه وتسليم السلطة الى العسكريين دعت الرئاسة الليبية للاتحاد الافريقي إلى إجراء استفتاء عام في مدغشقر من أجل حل الأزمة السياسية كما طالبت الجميع بضبط النفس ومراعاة المصالح العليا للبلاد حفاظا على الأرواح والممتلكات والاحتكام إلى الشعب الملغاشي صاحب المصلحة الحقيقية. وجاء في البيان أنه " نظرا للأحداث السياسية الجارية حاليا في جمهورية مدغشقر والتى ألحقت ولا تزال تلحق أكبر الضرر بمصالح الشعب فى البلاد بسبب تعطيل سير أعمال الدولة فإننا وفى الوقت الذى ندعو فيه الجميع إلى ضبط النفس والاحتكام إلى المصالح العليا للبلاد حفاظا على الأرواح والممتلكات, والاحتكام إلى شعب مدغشقر صاحب المصلحة الحقيقية, فإننا ندعو إلى إجراء استفتاء عام فى البلاد تحت إشراف المؤسسات الدستورية بمدغشقر والاتحاد الإفريقى, وذلك فى أقرب وقت ممكن من أجل التوصل إلى حل لهذه الأزمة التى تعصف بالبلاد, وحتى يتمكن شعب مدغشقر من المحافظة على مكتسباته ومواصلة مسيرته من أجل البناء والتقدم والتنمية وفرض إرادته".وفي نيويورك دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى انتقال سلمي للسلطة في مدغشقر وتأمين سلامة المدنيين معربا عن قلقه من التطورات التي وقعت عقب استقالة الرئيس مارك رافالومانانا. وقالت نائبة المتحدثة باسم الأممالمتحدة ماري أوكابي في بيان صحافي إن بان يحث كافة الأطراف في مدغشقر على التصرف بمسؤولية لضمان استقرار البلاد والإنتقال السلمي للسلطة فيها وذلك عبر السبل الديمقراطية ومن خلال التوصل إلى إجماع يحظى بدعم شعبي واسع. كما دعا بان الأطراف المعنية وخاصة الجيش والشرطة إلى ضمان أمن سكان البلاد والعمل معا على التوصل لحل غير عنيف للأزمة التي خلفتها استقالة الرئيس. من جهتها هددت الولاياتالمتحدة بقطع مساعداتها عن مدغشقر اذا استمرت حالة الفوضى السياسية في البلاد. ودعا المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية روبرت وود جميع الاطراف المعنية فى مدغشقر الى ممارسة ضبط النفس واستئناف الحوار لان اتخاذ اية قرارات غير دستورية سيؤدى الى وقف المساعدات الانسانية ولذلك ينبغى السعى لاتخاذ قرار يتفق مع مبادئ الديموقراطية والدستور. للتذكير فإن الأزمة السياسية في مدغشقر -وهي الأسوأ التي تشهدها البلاد منذ أعوام- إندلعت عندما أغلقت السلطات محطة شبكة تلفزيون (فيفا) المملوكة لراجولينا في شهر ديسمبر الماضي بعد أن بثت مقابلة مع الرئيس السابق ديديه راتسلراكا -الخصم اللدود للرئيس الحالي- وأدى هذا الإجراء لاندلاع مظاهرات نظمها أنصار المعارضة منذ الشهر الماضي. وقتل نحو مائة شخص في مدغشقر منذ 26 جانفي الماضي في أعمال العنف التي نشبت بسبب النزاع بين القوات الحكومية والمتظاهرين المؤيدين للمعارضة من بينهم 28 على الاقل قتلوا برصاص الحرس الرئاسي في السابع من فيفرى الجاري. تجدر الإشارة إلى أن رفالومانانا أعيد انتخابه رئيسا لمدغشقر لفترة رئاسية ثانية في عام 2006 حيث شهد اقتصاد البلاد تحت قيادته انفتاحا على الاستثمارات الأجنبية خاصة فى مجال المناجم.