النجش والغش والاحتكار مظالم عظيمة تقع بين المسلمين وهم يتبادلون سلعلهم بيعا وشراء، فالاحتكار وهو الإمساك عن البيع وانتظار الغلاء مع الاستغناء عن السلعة وحاجة الناس إليها مفسدة عظيمة ودسيسة على المسلمين لا يفعلها إلا من لا يحب الخير لهم، وقد اختُلف فيما يجري فيه الاحتكار هل في كل السلع والمواد الاستهلاكية وغيرها أم في الاستهلاكية فحسب؟ فقال البعض: يجري في كل شيء من طعام أو غيره، وقال بعضهم: يجري في أقوات الآدميين فقط، لقول النبي: (من احتكر طعاماً فهو خاطئ) وفي رواية: (لا يحتكر إلا خاطئ)، كما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغش فقال: (من غشنا فليس منا) رواه مسلم. وقد روى الإمام البخاري قول النبي عليه الصلاة والسلام: (لا تصرّوا الغنم) والتصرية تكون بأن يعمد صاحب الغنم إلى ترك لبنها في ضرعها حتى تبدو غزيرة اللبن. ومما يدخل تحت النهي عن الغش: ألا يُثْني البائع على السلعة بما ليس فيها من محاسن، وأن لا يكتم من عيوبها وخفايا صفاتها ووزنها ومقدارها وسعرها ما لو عرفه المشتري لامتنع عن الشراء. وأما النجش: فهو الزيادة في ثمن السلعة ممن لا يريد شراءها ليقع غيره فيها، ومما يؤسف له أن كل أو بعض هذه المفاسد كثيراً ما تحدث في أسواقنا. ولا حول ولا قوة إلا بالله، فالشباب الذي يُبايع الناس يُبالغ في التغرير بالناس، فيزعم أن سلعته جيدة جديدة وطيبة وثمنها ليس له نظير في السوق، فإذا ما اقتنيتها وجدتها عكس ما كان يزعمه، وكثير منهم يحلف بالله أنها كما يقول وهي غير كذلك ولا يبالي بهذا الحلف والقسم بالله العظيم الذي إثمه عظيم عند المخالفة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الْحَلِفُ مُنَفِّقَةٌ لِلسِّلْعَةِ مُمْحِقَةٌ لِلْبَرَكَةِ) رواه البخاري، وفي رواية لمسلم: (الْحَلِفُ مَنْفَقَةٌ لِلسِّلْعَةِ مَمْحَقَةٌ لِلرِّبْحِ) فأي فائدة يرجوها الغاش للمسلمين بعد هذا النذير؟