يبدو أن العاصمة الصومالية باتت على شفا حرب يتوقع أن تكون حاسمة، حيث كثفت الأطراف المتناحرة استعداداتها وسط تدفق للأسلحة والمساعدات العسكرية، إضافة إلى حشود عسكرية من جانب الجارتين كينيا وإثيوبيا على الحدود، مما ينذر بأن يأخذ الصراع أبعادا إقليمية ودولية. وتشهد العاصمة مقديشو وأقاليم عدة في جنوب ووسط الصومال تحركات عسكرية من جانب الحكومة والقوى الساعية لإزاحتها وأبرزها حركة الشباب المجاهدين التى أعلنت موقفها بوضوح بأنها لن توقف الحرب حتى تخرج القوات الأجنبية وتسقط حكومة شريف شيخ أحمد لتؤسس حكما إسلاميا على أنقاضها. وتشير مصادر أمنية في الحكومة الصومالية إلى حصولها على دبابات وأسلحة ثقيلة تجري حاليا تدريبات على استخدامها، في حين يقول مسؤولون حكوميون في أقاليم هيران وقدو ومناطق أخرى بوسط وجنوب الصومال أن قواتهم بصدد إكمال استعداداتها "لسحق الإسلاميين". وشوهدت طائرات استطلاع فوق أجواء مقديشو مؤخرا، في حين كشف رئيس الشرطة الجنرال عبدي قيبديد إلى وضع حواجز أمنية ثابتة ومتنقلة في المناطق التي تخضع لسيطرة الحكومة، طالبا من المواطنين التعاون في بسط الأمن. على الجانب الآخر، انتشرت أخبار حول وصول مئات المقاتلين الموالين للحزب الإسلامي المعارض إلى العاصمة مقديشو قادمين من الأقاليم الجنوبية، لكن مسؤول الدفاع بالحزب رفض التعليق على ذلك وقال للجزيرة نت إنه لن يتحدث عن أي تفاصيل تخص الاستعداد العسكري. في الوقت نفسه تشير الأنباء الواردة من مناطق حدودية إلى أن أعدادا كبيرة من أفراد الجيش الإثيوبي دخلت بالفعل إلى الأراضي الصومالية، كما أن ضباطا إثيوبيين يشاركون في الاستعدادات للجولة المقبلة من الصراع ضد المعارضة الإسلامية. وقبل أيام قليلة أعلنت الولاياتالمتحدة إرسالها أسلحة إلى الحكومة الصومالية، كما يتوقع أن تشارك كينيا في التدخل بشكل أو بآخر، مما يجعل الصراع دوليا وإقليميا بامتياز. وكان مسؤول الدفاع في الحزب الإسلامي شيخ موسى عبدي عرالي قد أكد للجزيرة نت مشاركة ضباط وأفراد من القوات الإثيوبية فى المعارك التي شهدها إقليم قلقدود الشهر الماضي، وأضاف أن عددا من الضباط الإثيوبيين قتلوا في هذه المعارك. وتعطى جميع القوى في الصومال الصراع الدائر بينها طابعا دينيا، وتستخدم كل منها عبارات نارية ضد الخصوم عبر الإذاعات المحلية، فضلا عن رفع شعارات تهدف إلى التأثير العاطفي على الشعب الصومالي. وتصف الحركات المسلحة حربها ضد الحكومة بأنها واجب ديني وشرعي، وأن هدفها تخليص البلاد من القوات الأجنبية ومن يصفونهم بالعملاء، في إشارة إلى الحكومة الصومالية. ومن جانبها، تتهم الحكومة خصومها بالسعي لتحقيق مصالح دول وتنظيمات خارجية وتحويل الصومال إلى ملجأ لما تسميه "الإرهاب باسم الإسلام". إلى ذلك تتفاقم الأوضاع الإنسانية في الصومال باطراد، في ظل نزوح أكثر من ثلاثين ألف شخص حسب إحصائيات لمنظمات إنسانية عقب المعارك الأخيرة التي شهدتها العاصمة بداية ومنتصف الشهر الجاري، فضلا عن تزايد المعاناة في مخيمات النازحين. وأظهر مراقبون تحدثوا للجزيرة نت الكثير من التشاؤم بشأن أوضاع النازحين بسبب الصراع المستمر، مؤكدين أن المؤشرات تنبئ بأزمة إنسانية حقيقية خصوصا في حالة نشوب صراع كبير في العاصمة بين الحكومة وخصومها.