حسن الخاتمة هو: أن يوفق العبد قبل موته للتقاصي عما يغضب الرب سبحانه، والتوبة من الذنوب والمعاصي، والإقبال على الطاعات وأعمال الخير، ثم يكون موته بعد ذلك على هذه الحال الحسنة، ومما يدل على هذا المعنى ما صح عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أراد الله بعبده خيراً استعمله) قالوا: كيف يستعمله؟ قال: (يوفقه لعمل صالح قبل موته) رواه الإمام أحمد والترمذي وصححه الحاكم في المستدرك. ولحسن الخاتمة علامات، منها ما يعرفه العبد المحتضر عند احتضاره، ومنها ما يظهر للناس. أما العلامة التي يظهر بها للعبد حسن خاتمته فهي ما يبشر به عند موته من رضا الله تعالى واستحقاق كرامته تفضلا منه تعالى، كما قال جل وعلا: (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون) (فصلت: 30)، وهذه البشارة تكون للمؤمنين عند احتضارهم، وفي قبورهم، وعند بعثهم من قبورهم.ومما يدل على هذا أيضا ما رواه البخاري ومسلم في عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه) فقلت: يا نبي الله؛ أكراهية الموت، فكلنا نكره الموت؟ فقال: (ليس كذلك، ولكن المؤمن إذا بشر برحمة الله ورضوانه وجنته أحب لقاء الله، وإن الكافر إذا بشر بعذاب الله وسخطه كره لقاء الله وكره الله لقاءه) . وفي معنى هذا الحديث قال الإمام أبو عبيد: ليس وجهه عندي كراهة الموت وشدته، لأن هذا لا يكاد يخلو عنه أحد، ولكن المذموم من ذلك إيثار الدنيا والركون إليها، وكراهية أن يصير إلى الله والدار الآخرة.. ومما يبين ذلك أن الله تعالى عاب قوما بحب الحياة فقال: (إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة واطمأنوا بها) (يونس: 7). وقال الخطابي: معنى محبة العبد للقاء الله إيثاره الآخرة على الدنيا، فلا يحب استمرار الإقامة فيها، بل يستعد للارتحال عنها، والكراهية بضد ذلك. وقال الإمام النووي رحمه الله: معنى الحديث أن المحبة والكراهية التي تعتبر شرعا هي التي تقع عند النزع في الحالة التي لا تقبل فيها التوبة، حيث ينكشف الحال للمحتضر، ويظهر له ما هو صائر إليه.