عادت ملامح التطبيع للعلاقات الجزائرية الفرنسية، بإصرار فرنسي، جسدته "زيارة العمل"، الثانية من نوعها لكلود غيون الأمين العام لقصر الإيليزي، ودافيد لوفيت، المستشار الدبلوماسي لنيكولا ساركوزي، للجزائر، في مدة لم تتعد خمسة وعلى عكس الزيارة السابقة التي كانت في شهر فيفري المنصرم، والتي رفض فيها الرئيس بوتفليقة استقبال موفدي نظيره الفرنسي، ليحل محله الوزير الأول أحمد أويحيى، فضل هذه المرة، القاضي الأول استقبال ضيوفه بنفسه، في توجه يؤكد اتجاه أزمة العلاقات الثنائية نحو الانفراج، منذ استجابة بوتفليقة لدعوة ساركوزي من أجل المشاركة في قمة إفريقيا فرنسا، بمدينة نيس، مطلع الشهر الجاري، وهو ما فاجأ الكثير من المتتبعين. واستقبل رئيس الجمهورية، الأمين العام للرئاسة الفرنسية كلود غيون، بإقامة الدولة بزرالدة بحضور الوزير الأول أحمد أويحيى ووزير الشؤون الخارجية مراد مدلسي والوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية عبد القادر مساهل، قبل أن يلتقي أويحيى مجددا ضيفي الجزائر بمفرده بقصر الحكومة. ولم تتسرب أي معلومات حول ما دار بين الرئيس بوتفليقة وموفدي الرئيس ساركوزي، وكذا طبيعة الملفات التي تمت مناقشتها ولا محتوى الرسالة التي تسلمها القاضي الأول، واكتفى كلود غيون بعد خروجه من مقابلة بوتفليقة بالإشارة إلى "الصداقة التي تجمع البلدين"، وبرغبة الرئيسين "في إضفاء حيوية أكبر على هذه الصداقة". ويحيط زيارة مبعوثي ساركوزي للجزائر، سرية تامة، بحيث لم يكشف عنها إلا بعد استقبالهما من طرف رئيس الجمهورية، عن طريق وكالة الأنباء الجزائرية، وهو ما يبين أن التعتيم كان مقصودا من طرف مصالح قصر الإيليزي، مخافة أن تفشل هذه الزيارة في تحقيق أهدافها، على غرار زيارة فيفري المنصرم، بحيث لم تتناول وسائل الإعلام الفرنسية، وفي مقدمتها وكالة الصحافة الفرنسية، هذه الزيارة إلا نقلا عن برقية وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، وهو أمر غير معهود بالنسبة للوكالة الفرنسية، التي دأبت على متابعة كل صغيرة وكبيرة تتعلق بالعلاقات الثنائية، اللهم إلا إذا تلقت أوامر فوقية للالتزام بتوجيه ما وبالرغم من تعدد الزيارات خاصة من طرف المسؤولين الفرنسيين للجزائر، إلا أن مصير زيارة الدولة التي كان من المفروض أن يقوم بها الرئيس بوتفليقة نحو فرنسا العام 2009 ردا على زيارة ساركوزي في ديسمبر 2007، لا زال غامضا، علما أن الطرف الفرنسي أكد أكثر من مرة وعلى لسان أكثر من مسؤول في الكيدورسيه، أن التحضير لهذه الزيارة لا زال متواصلا، غير أنه يجهل إن كان يسجل تقدم واعترف الرجل الأول في فرنسا مطلع الشهر الجاري في تصريح على هامش القمة ال 25 إفريقيا فرنسا، عودة العلاقات بين الجزائر وباريس إلى طبيعتها "يحتاج إلى وقت"، مقللا في الوقت ذاته من أثر استجابة بوتفليقة لدعوته حضور القمة المذكورة على العلاقات بين البلدين، عندما قال متسائلا "هل تكفي مشاركة الرئيس بوتفليقة في القمة الافريقية الفرنسية لتتحسن الأمور فجأة في العلاقات بين فرنساوالجزائر؟ أخشى ألا أكون بهذا القدر من التفاؤل. نحتاج إلى وقت".