مازالت مسألة انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي مثار جدل واسع بين الأوروبيين، ففي الوقت الذي تتباين فيه مواقف دول الاتحاد الانضمام يبدو أن الأتراك لن يتنازلوا عن كبرياءهم من أجل أوروبا، الأمر الذي يجعل من المشروع الأوروبي حلما صعب التحقيق. كما أن الشروط التي وضعها البرلمان الأوروبي على انضمام تركيا وان كانت غير ملزمة لحكومات الدول الأعضاء أحدثت خدشا في كبرياء الشعب التركي، يؤكد الرفض التركي القاطع لأي شكل من أشكال الانضمام المنقوص إلى الاتحاد الأوروبي كفكرة "الشراكة المميزة" التي تدعمها الأحزاب المسيحية المحافظة في ألمانيا والنمسا. المعارضة الألمانية و صرح وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلله عشية زيارته لأنقره ، إن تركيا ليست ناضجة بما فيه الكفاية للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وإن الأخير غير مستعد لضمها، قائلا " إذا كان علينا الحسم اليوم فيمكن القول إن تركيا ليست مستعدة بعد للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، والاتحاد الأوروبي غير مستعد لضمها".وجاءت تصريحات الوزير الألماني هذه التي أدلى بها لصحيفة "بيلد" الشعبية الألمانية عشية زيارة قام بها فسترفيلله لإنقره ألتقى خلالها بنظيره التركي أحمد دواد أغلو لمناقشة ملفات شائكة لا تتفق فيها مواقف البلدين تماماً، ولاسيما مسألة انضمام تركيا للاتحاد الأوربي. يذكر أن الحزب الديمقراطي المسيحي بزعامة المستشارة انجيلا ميركل، والشريك الأكبر لحزب فيسترفيله في الإئتلاف الحاكم، يعارض انضمام تركيا للاتحاد الأوربي ويصر على مبدأ "الشراكة المميزة" كبديل عن لعضوية الكاملة، وهو ما ترفضه أنقره. الدعم البريطاني وتزامنت تلك تصريحات مع تصريحات لرئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون تعهد فيها بدعم انضمام تركيا للاتحاد الأوربي رغم معارضة فرنساوألمانيا. ونقلت وكالة أنباء الأناضول عن كاميرون قوله أمام اتحاد الغرف وتبادلات السلع في العاصمة التركية أنقرة، إنه غاضب من الجهود التي يبذلها البعض في الاتحاد الأوروبي لمنع انضمام تركيا إلى الاتحاد في وقت تساهم فيه تركيا في الدفاع عن أوروبا من خلال عضويتها في حلف شمال الأطلسي (الناتو) والجهود التي تبذلها في أفغانستان. وأضاف كاميرون "اعتقد أن من الخطأ القول أن تركيا يمكنها أن تتولى الحراسة أمام المعسكر، لكن دون السماح لها بدخول "الخيمة"، وسأدافع بثبات من اجل انضمامكم إلى الاتحاد الأوروبي ومن اجل مزيد من التأثير على طاولة الدبلوماسية الأوروبية". وتدعم لندن منذ زمن انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي ووعدت حكومة ديفيد كاميرون بتعزيز العلاقات مع أنقرة، لكن فرنساوألمانيا جددتا معارضتها لهذا الأمر وتفضلا إقامة "شراكة مميزة" مع هذا البلد، ويتخوف هذان البلدان من دخول بلد يبلغ عدد سكانه 73 مليون نسمة جميعهم من المسلمين تقريبا إلى الاتحاد الأوروبي. ترحيب أوباما والمفوضية ومن جانبه أكد السفير الأمريكي لدى أنقرة جيمس جيفري أن الرئيس باراك أوباما يدعم عضوية تركيا الكاملة في الاتحاد الأوروبي بنسب100 بالمائة.ونقلت وكالة الأنباء القطرية عن جيفري قوله لدى اجتماعه مع وزير الدولة التركي وكبير المفاوضين في محادثات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي عجمان باجيس "أن تركيا تلعب دوراً مهماً في المنطقة وأوروبا والعالم أيضاً". ومن جانبها، رحبت المفوضية الأوروبية بالإرادة التي عبر عنها بوضوح رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون حول تشجيع انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، مؤكدة مرة أخرى أن تركيا تتمتع بفرصة للانضمام إلى الكتلة الأوروبية التي تضم 27 دولة. وقال متحدث باسم المفوضية أن المفوض لشئون التوسيع ستيفان فولي ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون كانا في تركيا في 13 جويلية حيث "أكدا احتمال انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي"، مضيفا "لا يمكننا في هذا الصدد سوى الترحيب بالإرادة التي يتمتع بها رئيس الوزراء كاميرون لدفع هذا الإجراء". وقال فولي أن المفوضية "أعربت أيضا عن الأمل في إمكان فتح المزيد من فصول المفاوضات هذه السنة إذا ما استوفت تركيا الشروط الضرورية"، مضيفا "بالتأكيد، محرك كل هذا الإجراء هو الإصلاحات التي تحصل في تركيا". تركيا والاتحاد الأوروبي يذكر أن تركيا تقدمت أول مرة بطلب العضوية في المجموعة الاقتصادية الأوروبية عام 1959 وفي عام 1963 وقع الطرفان اتفاقية ارتباط تقبل ضمناً ترشّح تركيا، وفي عام 1995 أصبحت تركيا طرفاً في الاتحاد الجمركي، وفي عام 1999 قبل الاتحاد الأوروبي طلب تركيا للترشح لعضويته.وفي عام 2005، بدأت تركيا مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي ، لكن العملية لا تتقدم بسرعة بسبب التحفظات الألمانية والفرنسية حيال رؤية دولة مسلمة يبلغ عدد سكانها 73 مليون نسمة تنضم إلى أوروبا، وكذلك بسبب المأزق في قبرص وبطء الإصلاحات في تركيا. وقام الاتحاد الأوروبي بمبادرة في نهاية أوت عبر فتح "فصل" جديد للتفاوض يتعلق بأوجه الأمن الغذائي، وهو الفصل الثالث عشر، إلا أن فصلا واحدا من أصل 35 فصلا متوقعة في المفاوضات، قد تم الانتهاء من بحثه حتى الآن..