د.محمد رحال السويد/25/08/2010 ما أن يحين موعد الإفطار في يوميات رمضان حتى يسارع الصائمون إلى تلك الموائد يبلون الريق بشربة ماء وبضع تمرات أن وجدت ، ثم وبعد أن تنفتح بوابات المعدة فان الأيدي تتسابق إلى أصناف الطعام الشهية بعد قضاء يوم صيام طويل ، وهذا دأبنا في كل رمضان المبارك . ومع دعاء الصيام: اللهم إني لك صمت وبك آمنت وعليك توكلت وعلى رزقك أفطرت ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الآجر إن شاء الله ... مع هذا الدعاء تبدأ صور الأحبة ضيوفا أعزاء على مائدة الإفطار ، وأول تلك الصور تكون في العادة صور المسجد الأقصى أراه جائعا إلى الحرية يبكي امة تركته أسيرا ، تنال منه يد الغدر والصهيونية ، وتتناساه امة عديدها عديد الحصى ، والى جانبه صورة توأمه الغالي الأسير رائد صلاح يدفع ضريبة إخوته للأقصى والذي يشاركني الإفطار المسائي كل يوم وخلفه أبناء الداخل الفلسطيني حماة الأقصى وسنده وفي مقدمتهم المطران عطا الله حنا والمطران كبوجي وهو يبتهل إلى الله ليوصل الغوث إلى أطفال غزة على سفينة مرمرة ، ومعهم آلاف الأسرى الذين تتلوى أجسادهم قهرا ضمن زنزانات الأسر الصهيوني ، وتتوالى صور الأسر الفقيرة في فلسطين بكامل ترابها وقد حرموا من اقل الأشياء في شهر يفترض انه شهر الخير والبركات وشهر النعم والفضائل ، ومع الجميع تمر علي صور مآذن فلسطين ويرفع صوت الآذان منها حزينا كحزن مآذنها. على مائدة رمضان تتجمع صور الأحبة من مهجري العراق وسجنائهم وأسراهم ، أراملهم وأيتامهم ، وهي أرقام وصور بالملايين شارك في قتلهم وأسرهم ويتمهم أشقاء يقال أنهم ينتمون إلى الإخوة في العروبة أو الإسلام ، وارى فيهم صور العوز والمرض والحاجة وهم أبناء ارض جادت بثرواتها التي قُطعت عن أبنائها وتركتهم في شهوة شربة الماء والكهرباء وفي شهوة لقمة تشبع البطون ومتر أمان من الأرض للنوم فيه ، وساد أمرهم عصابات مجرمة اختارتهم قوات الاحتلال وأباليسها. اذكر من ضيوفي على مائدة الإفطار رجال دعوة إسلامية سجنتهم أنظمة الشيطان لا لذنب اقترفوه وإنما لأنهم اخلصوا لرب العباد دينه فكانت عقوباتهم السجن لعشرات السنين سجنا وترويعا وتعذيبا في بلاد يفترض إنها بلاد إسلامية . على مائدة الإفطار الرمضانية تجتمع صور فقراء أفغانستان وحفاتها وهم يستقبلون الله بوجوه مؤمنة بقدره رافعين راية الله اكبر في وجه تحالف دولي ظالم لم يبق في أفغانستان حجرا على حجر ، ومعهم صور أطفالهم الجوعى والذين أدرجت أسمائهم إرهابيون مفترضون على قوائم الإرهاب الصهيوني الأمريكي . وعلى نفس المائدة تحشر آلاف الصور لمنكوبي الباكستان وهم يجاهدون الجوع والمرض والبرد والماء ، بعد أن قشت مياه السيول أقاليم هي اكبر من مساحة دول كاملة ، ولم تجد أيدي الأطفال الغرقى والتي ارتفعت من قلب الفيضانات أي يد عربية أو إسلامية رحيمة فقد ذهبت أموال الأمة لشراء الأسواق ودور الملاهي والبورصات العالمية ، وارتفعت بالباقي صروح أبراج فارغة من كل شيء إلا من عمل إبليس . على نفس المائدة شاهدت صور أبناء امتنا في أفريقيا وهم مجرد أشباح أو مجرد هياكل عظمية متنقلة هاجمتهم أسراب الذباب والبعوض والحشرات، ولم يقو أصحاب تلك الأجساد على رفع اليد لرد تلك الحشرات بسبب الفاقة والجوع. على نفس المائدة الرمضانية تتوالى صور الأمهات وهن يودعن أبنائهن الذين اختاروا السفر وهجرة بلدانهم في قوارب الموت بعد أن يئس الجميع من أي أمل في تحسن الأوضاع في دول عربية وإسلامية لا تعرف دساتيرها إلا حقوق الحاكم وتنسى حقوق المحكوم ، فأكل الحاكم الأرض وما عليها وترك الناس أمام قصوره يدعون له بطول العمر من اجل كسرة خبز أو عطاء زهيد . على مائدة الإفطار تأتيني صورة وفاء قسطنطين وأخواتها والتي تنازل عنها شيوخ الأزهر وأوقافه وشعب مصر بشقيه المسلم والقبطي وتركوها فريسة الاستتابة الكنسية لينال منها ظلم الإنسان للإنسان وتكاد صرخات استغاثاتها تخرم وتشق عنان السماء في ظل بلاهة من حكومة مبارك وحزبه اللاوطني ، وهي بلاهة غير مسبوقة . تلك الصور اليومية مازالت هي غالب زادي اليومي مع هؤلاء الضيوف الأكارم وهي صور لا تقارن أبدا بتلك الصور الرمضانية التي يحاول الإعلام المتصهين زرعها في أقدس الأشهر كحليمة وأخواتها عافانا الله من شرها وشر من يستضيفها.