اكتست المحلات الجزائرية موضة جديدة في اطلاق التسمية على هذه الأخيرة، والتي طفت مؤخرا بشكل لافت للانتباه، سيما وأن اللغة العربية أصبحت بمثابة اللغة الدخيلة على مجتمعنا، وفي وقت عرفت اللغات الأجنبية انتشارا واسعا مقارنة باللغة الأم، تسميات متعددة ومصطلحات غريبة لا تمت لثقافتنا ولمجتمعنا بصلة. الفرنسية الانجليزية الايطالية الاسبانية وغيرها لغات لافتات محلاتنا التجارية عرفت المحلات الجزائرية على اختلاف النشاطات التجارية التي تمارسها اطلاق تسميات مختلفة، منها الجزائرية وأخرى غربية لكن الملفت للانتباه هو اللغة المستعملة عند كتابة لافتات المحلات، والتي في كثير من الأحيان وان كانت مصطلحات عربية الا أنها تكتب باللغة الأجنبية خاصة أسماء الأشخاص و الأماكن التي تعتبر الاختيار المفضل لأصحاب المحلات لإطلاق أسماء محلاتهم. ان استعمال اللغة الأجنبية في وقت ليس ببعيد، كان مقتصرا على العيادات الطبية وكذا كل ما له علاقة بهذا القطاع، بالإضافة إلى إشارات المرور لينتقل بشكل رهيب إلى كل ما من شأنه أن يلفت النظر في الشارع، من المحلات بمختلف النشاطات التي تمارسها إلى الصيدليات، المؤسسات الطبية والاستشفائية، والقائمة طويلة.ولعل استفحال هذه الظاهرة في المجتمع الجزائري واستعمال اللغات الأجنبية، خاصة في السنوات الأخيرة حري بأن يجعلنا ندق ناقوس الخط سيما وأن لغة القرآن أصبحت تحتل المرتبة السادسة عالما من حيث الاستعمال هذا وان دل فإنما يدل - حسب ما يؤكده علماء الدين واللغة – أن اللغة باقية مادام وجود القرآن على وجه الأرض . ولو على حساب اللغة الأم ..السعي من أجل الربح يبرر كل شيء يأتي هذا في وقت عرفت فيه هذه الظاهرة انتشارا واسعا في المحلات التي تقع في الأحياء الرقية خاصة في العاصمة التي تعتبر الحلقة الأبرز في استعمال مثل هذه المصطلحات، كما أن المتجول في شوارعها يكاد يقف مندهشا حول الهوية الخاصة في مجتمعنا المكان الذي هو بصدد زيارته وعن أصل اللغة الرسمية المستعملة في الجزائر. يرى " أمين " صاحب محل للمواد الغذائية أن انتشار استعمال اللغات الأجنبية وخاصة الفرنسية في مجتمعنا بصفة عامة وفي المحلات بدرجة كبيرة يعود إلى الغزو الثقافي وانتشار الفكر الأجنبي في المجتمع الجزائري، كما أنه لا يوجد قانون أو أي شيء يفرض على صاحب المحل أن يسمي محله بلغة معينة، انما الثقافة وانتشار الاستعمال اللغات الأجنبية هو الذي فرض هذا الواقع علينا .في حين يرى "محمد" أن طبيعة المادة التي تصنع منها الرداء الخاص بالمحل لا تسمح باستعمال لغة معينة سيما العربية وذلك باعتبار أن مثل هذه المواد مستوردة من دول أجنبية، وهذا ما يفرض علينا الكتابة باللغة التي تتلاءم وطبيعة هذه المواد، كما أن أغلب الماركات العالمية التي أصبحت تطلق في الغالب على أسماء المحلات يوقعنا تحت حتمية الكتابة باللغة الفرنسية في غالب الأحيان". غياب أو تغييب اللغة العربية في الأوساط التجارية... مسؤولية من ؟ ولعل أبرز التناقضات التي تحصل في المجتمع الجزائري هو تعميم استعمال اللغات الأجنبية بدل اللغة العربية، التي هي في الأصل اللغة الرسمية للدولة الجزائرية، وذلك وفق نصوص قانونية تؤكد ذلك، ولعل الأهم من ذلك كله يبقى أن مثل هذه الإجراءات التي مجرد حبر على ورق، وتبقى مجرد إجراء روتيني لا يطبق بشكل كامل و يشمل كافة القطاعات و الأشخاص. تغريب للغة في ولايات الشمال يقابله تحفظ في مناطق أخرى إن انتشار هذه الظاهرة في الأوساط التجارية في المجتمع الجزائري، يكاد يقتصر على محلات العاصمة التي تعرف تناميا مستمرا لمثل هذه الظواهر، وذلك بمقارنة مع مناطق أخرى ونخص بالذكر المحلات التي تقع في ولايات الجنوب الجزائري التي لا تزال تحافظ على القيم والتقاليد سيما اللغة العربية التي ما تزال تستعمل حتى في تعاملاتهم اليومية فهناك من المحلات التجارية وعلى اختلاف الأنشطة التي تمارسها إلا أن لافتاتها الخارجية تكتب بالغة العربية وحتى بعض الكلمات التي يتداولها السكان هي من الفصحى. الماركات العالمية عناوين لمحلاتنا التجارية "nike"، "chanel "،"nina"،"adidas" هي أبرز الماركات العالمية التي تفضل أغلب المحلات اتخاذها كأسماء لها وذلك نظرا للانتشار الواسع الذي تعرفه هذه الأخيرة، وبلغة التجارة والربح يرى أصحاب المحلات في هذه الأسماء كمكسب لهم من أجل جلب الزبائن وأن السوق التجارية تفرض ذلك، فالربح وجلب أكبر قدر ممكن من الزبائن والترويج لسلع معينة هي أهم الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها الباعة وأصحاب المحلات في متاجرهم ولو على حساب اللغة الأم التي تعرف تراجعا كبيرا، ولعل شوارعنا بصفة عامة ومحلاتنا التجارية لدليل على كاف على حجم التدني الذي تعيشه اللغة العربية في هذا الوقت، في مجتمع أصبح يكرس واقعيا مقولة " الغاية تبرر الوسيلة " ولو على حساب لغة القرآن، وهذا الواقع يعتبر فيض من غيض، والحديث عنها يقودنا الى الحديث عن أشياء أخرى تؤكد حجم الواقع المرير الذي يعرفه المجتمع الجزائري.