مخطئ من يصدق أن أمريكا تريد حلا سلميا للأزمة السورية ، ولو كانت تريد ذلك لما افتعلتها أصلا ومخطئ أيضا من يظن بأن الأزمة السورية هي مجرد ثورة على الظلم وانتفاضة من أجل الحرية ولو كان الأمر كذلك لما كان لأمريكا ولا لفرنسا ولا لبريطانيا فضلا عن إسرائيل ومجموعة الدول العربية السائرة في الفلك الأمريكي أن تؤيد وتمول المتمردين ،وتمدهم بأحدث الأسلحة وأكثرها تطورا ، ومتى كان الغرب يؤيد ثورة من أجل الحرية والسيادة الوطنية ؟ وجل استراتيجيته تقوم على قمع الشعوب وقمع الانتفاضات والثورات ونهب الخيرات ؟ ولو كان الأمر كذلك لوقفت أمريكا ومجموعتها إلى جانب الشعب الفلسطيني وإلى جانب الثورة البحرينية ، ومن السذاجة بمكان أن يكون الأمر بهذه البساطة ، ومتى كان الذئب راعيا لقطيع من الغنم ؟ صحيح أننا لسنا قطيعا من الأغنام والأصح أيضا أن أمريكا لم تكن راعية لهذه الأغنام إلا بواسطة حكامنا الذين جعلوا منا ما هو دون الأغنام ، والذي يؤيد ما نحن بصدد الحديث عنه هو أنه ما إن تلوح بادرة أمل من أجل جلوس السوريين على مائدة الحوار حتى تسارع أمريكا والأوركسترا التابعة لها بوضع العراقيل أمام هذه البادرة تحت أغطية مختلفة ، والمتتبع للحدث السوري من أيامه الأولى يدرك أن أمريكا هي من أفشل مهمة وفد جامعة الدول العربية الذي كان يرأسه الدابي السوداني ، والسبب أن الدابي أراد أن يكون موفد سلام إلى أكبر حد ممكن ، فأرغموه على الهروب لأنهم يريدون الأمور على مقاسهم ووفقا لما خططوا له ، ومن ثم أمريكا هي التي أفشلت مهمة كوفي عنان لأن الرجل أراد أن يكون على جانب ولو محدود من الحياد الذي تسمح له به ثقافته كأمين عام سابق للهيئة الأمريكية ( الأممالمتحدة ) وأمريكا لا تعرف الحياد وهي التي طالما كانت تعلن أن الذي ليس معها هو ضدها ثم جاء الأخضر الإبراهيمي الذي تحول منذ اللحظة الأولى لدخوله حلبة الصراع إلى اليابس وليس الأخضر ، حيث ما فتئ يحمل العلم الأمريكي ويعبر عن وجهة النظر الأمريكية حتى رفضه النظام لانحيازه ، وأمريكا لو أرادت فعلا حقن الدماء لما كانت تتلون كالحرباء وتكيل بمكيالين ،على رأي وزير خارجية روسيا ، والخلاصة إن من يعول على الغرب في صنع السلام ووضع حد لإراقة دم السوريين يكون كمن يمني إبليس بالجنة ومن يراهن على أمريكا يكون أكثر من ساذج .