• العالم يعرف ثورة جنسية.. عولمت الرذيلة وحاصرت الفضيلة " • شبابنا غارق في مشاكل تدفعه للحرام.. والتربية الدينية هي الحل" • بروتوكولات اليهود تتخذ "الجنس والانحلال الخلقي" شعارا لمعركتها ضدنا" شدد رئيس الاتحاد العالمي للجمعيات الطبية الإسلامية، الدكتور الأردني عبد الحميد القضاة، في حوار ل"المستقبل العربي" على هامش زيارته الأخيرة للجزائر، على ضرورة التصدي، للمكائد التي يحيكها أعداء هذه الأمة ضد شبابنا، كما كان لصاحب براءات الاختراع في مجال تشخيص الأمراض المنقولة جنسيا في بريطانيا، وأستاذ الجراثيم الطبية بالجامعات الأردنية، ومؤلف خمسة عشر كتابا في الاختصاص، وقفة عند الدورة التكوينية التي نظمها مؤخرا بمبادرة من جمعية "جزائر الخير"، في إطار مشروعه العالمي "يدا بيد لحماية ووقاية الشباب من الأمراض المتنقلة جنسيا والإيدز". حاورته: حميدة بوعيشة • بداية وبحكم تخصصكم في مجال الأمراض المنقولة جنسيا، هل لكم أن تحدثونا عن واقع هذه الأمراض في مجتمعاتنا الإسلامية؟ عادة ما يتركز الحديث عن الأمراض المنقولة جنسيا، حول مرض الإيدز، في حين أن الإيدز هو واحد من الأمراض المنقولة جنسيا، والتي كانت في السابق خمسة وصارت اليوم 50 مرض وإصابة، لكنها غير معروفة لدى الناس، فالإيدز هو رأس جبل الجليد المدفون في الماء، وهذا لأن الإعلام لا يركز إلا عليه لأسباب كثيرة ومقصودة، كما قال أحد رؤساء برنامج الأممالمتحدة، في أول تصريح صحفي له، عندما استلم منصبه: "لقد فشل من سبقني في أن يستفيد من مشكلة الإيدز، ليجعل منها مشكلة سياسية، يستطيع من خلالها أن يدخل إلى مشاكل كثيرة في الدول التي لم نصل فيها إلى ما نريده لها، في حل بعض المشاكل، مثل الشذوذ الجنسي، مشاكل المرأة وحقوق الإنسان"، وهكذا فهم يستعملون مشاكل مثل الإيدز للدخول إلى الدول. وهذه المشكلة عالمية، عابرة للقارات، هويتها في ذلك الوقوع في الحرام، من زنا، شذوذ، مخدرات.. وغيرها، وتشير الإحصائيات في العالم إلى أن أكثر من 50 بالمائة من المصابين بهذه الأمراض، تتراوح أعمارهم بين ال15 وال25 سنة، أي أنهم من فئة الشباب. ولأن شبابنا في البلاد العربية، يعاني عديد المشاكل، فلم ينل حقه من الاهتمام إلا من بعض الزوايا، التي يشغلونه من خلالها بأمور لا طائل منها، ليعيقوا العطاء والإنتاج لديه، ويحول بينهم وبين الشحن الروحي الذي يتوازى مع الشحن الجسمي، عن طريق أداء العبادات والطاعات لله عز وجل. ثانيا الشباب لم يعطى حقه في التوجيه الإعلامي، من خلال برامج هادفة تنمي الجوانب الروحية والدينية والعلمية والتثقيفية، التي تثنيه عن الوقوع في الحرام، كما تزيد معاناة الشباب بسبب العادات والتقاليد، التي استفحلت وتحكمت في مجتمعاتنا، خاصة فيما يتعلق بمسألة تعقيد الزواج، غلاء المهور، وتلك النفقات التي تفرض على الشباب، في حين أن أغلبهم عاطلون عن العمل، رغم امتلاكهم للشهادات والقدرة على العطاء. هذا بالإضافة إلى غياب التربية الدينية، والوعي الكافي الذي يكبر معهم مند الصغر حتى يردعهم عن الحرام. فكل هذه المشاكل التي تتناوبهم، تضيع وقتهم، وتدفعهم للوقوع في الرذيلة، لا سيما وأن لهذه الأخيرة أعوان كثيرون، يدعون إليها، فلإنترنت، الفضائيات، المسلسلات والأفلام الخليعة، التعري الذي يملأ الشوارع، الماكياج، وغيره من الأمور الجاذبة، تدفع بالشباب للوقوع في الحرام، وما لا يرضي الله. • في ظل ما ذكرتم من المشاكل التي تعصف بحاضر شبابنا، وتهدد مستقبله، ما سبيله برأيكم للخروج والابتعاد عن هذه الآفة؟ لا يخفى عنكم أن أكثر شيء يضغط على الشباب في هذه المرحلة العمرية، هي غرائزهم الجنسية، فعندما تتيسر لهم، هذه الأمور قد يسقطوا في الحرام، تحت ضغط المغريات. والخصوم والأعداء يعرفون ذلك، فلهذا أكدت بروتوكولات بني صهيون على استهداف الأخلاق، لأنه وبانهيارها، يستطيعون السيطرة، وأكثر شيء يدمر الأخلاق طبعا، هو غياب القيم، والتعلق بالشهوة الجنسية، لذلك جعل الصهاينة "الجنس والانحلال الخلقي"، هما شعار المعركة القادمة في العالم، لأن الشباب إذا وقعوا في هذا فلن يدافعوا عن بلادهم ولن يحاربوا عدوا. وفوق هذا فالغرب والشرق الآن، يستعمل أشياء أخرى لنشر الفساد، من خلال الدعوة إلى ما يسمونه "الجنس الآمن"، الذي يوهمهم بإمكانية الزنا دون الإصابة بالمرض، وذلك فقط باستعمال الكيس العازل، وهذه مغالطة، لأن الكيس العازل ثبت علميا أنه لا يحمي من هذه الأمراض، ولذلك هم يستغلون جهل الشباب وضغط الشيطان والظروف المحيطة، ليوقعوا الشباب فيما حرمه الله، والتسبب في العديد من الأمراض الأخطر من الإيدز، تنتقل كلها بالزنا والشذوذ والمخدرات. والمشكل هنا أن الإعلام الإسلامي الذي من شأنه التصدي لعولمة الفساد ضعيف، والإعلام الشيطاني قوي جدا، فنحن لا نملك فضائيات كثيرة، وجرائد كثيرة، نحن في بداية مشروع النهضة الإسلامي، لكني مع ذلك أشعر بأننا في بداية الطريق الصحيح وإن كان هناك قصور. لكن ديننا الإسلامي الحنيف، من خلال القرآن والسنة، يقدم حلول لهذه الإشكاليات، فأحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام، تحث على الزواج، وتحث الآباء على تيسير المهور، "أقلهن مهرا أكثرهن بركة"، والتركيز على طلب المتدينات فاظفر بذات الدين تربت يداك، حرصا على صلاح واستمرار المؤسسة الأسرية، كما يقول رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصيام فإنه له وجاء"، أي أنه على من لم يستطع الزواج، أن يصبر ويتخذ من الصوم حلا مؤقتا، يقيه الوقوع في الحرام، إلى أن يغنيه الله من فظله، خاصة وأن رسولنا عليه الصلاة والسلام يقول "كان حقا على الله أن يعين ثلاثة"، من بينهم "الناكح في سبيل العفاف". لكن شبابنا ولعدم تعمقهم في آيات القرآن وسنة رسولنا عليه الصلاة والسلام، تخفى عليهم هذه الأمور، وأنا هنا أناشد الأئمة وكل من أعطاه الله علما أن يجلس في دروس وحلقات، المساجد، البيوت، والجمعيات ويفسروا للشباب هذه الأمور حتى يعرفوا ويقتربوا أكثر من هذا الدين. بالعودة إلى مشروعكم "يدا بيد لوقاية الشباب"، هل بدأتم في قطف ثمار أهداف هذا المشروع، وكيف تقيمون الدورة التكوينية الأخيرة التي أقيمت في الجزائر؟ هناك شيء في العالم اسمه الثورة الجنسية، التي عولمة الرذيلة وحاصرت الفضيلة، ونحن في مشروع وقاية الشباب من خلال هذه الدورات، نسعى للرد على عولمة الرذيلة من خلال عولمة الفضيلة، ونطلب من ناس كثر أن يساعدونا لنكون "يدا بيد في طريق مساعدة وحماية الشباب من الرذيلة"، فباستطاعتنا تقديم محاضرات، لكن المحاضرات وحدها لا تكفي، لذلك قررنا، أن نعمل عمل جماعي، نقوم بدورات تكوينية في مختلف أرجاء العالم، ندرب فيها المعلمين، الوعاظ، الأئمة، الأطباء، الخطباء، والمدرسين، من خلال جمعيات مدنية أو جمعيات رسمية، ثم يعمل كل متكون بدوره، على تقديم 10 دورات توعية خلال السنة، على الأقل، وهكذا لنظمن نشر الخير، وفعالية أكبر للمشروع، في كل بقاع الأرض. ونمط عملنا هذا وقائي وليس علاجي، فلا نستطيع تقييم النتائج، لكن تشير الإحصائيات إلى وجود 95 بالمائة في العالم، غير مصابين، ونريدهم أن يبقوا كذلك، فإذا حافظنا على الصورة هكذا، فقد نجحنا في إيقاف زحف السوء، وأنا متأكد أننا سنصل إلى هذا الأمر كلما كثر عدد العاملين بالمعرفة الوقائية الذين يرفعون منسوب المعرفة الطبية، الدينية، والوقائية لدى الآخرين. نحن نرفع منسوب الإيمان حتى يخاف الإنسان من الله، ونرفع منسوب العلم والمعرفة حتى يخاف الإنسان على صحته ونفسه، والحمد لله بدأنا نلمس نتائج جد إيجابية. أما عن هذه الدورة التدريبية الأخيرة، فهي المرة الثانية التي ندخل فيها إلى الجزائر عن طريق جمعية "جزائر الخير"، حيث قمنا سابقا بدورة تدريبية في وهران، والآن في العاصمة، وقد أعجبت كثيرا بالعاملين والقائمين عليها، وبورشات النقاش الثري، المجدي والمفيد، والتي تنم عن اهتمام، وتدل على أن هناك رغبة حقيقية في المعرفة، وحقيقة لم أتعب في حياتي من المناقشات كما تعبت في هذه الدورة، فالتجاوب رائع، والمستوى متقدم، والنوعيات المشاركة رائعة جدا، وهم بإذن الله، الذين سيفيدون المجتمع، كما أن هذه الدورة التي هي رقم 122 التي أشرفت عليها في العالم، هي دورة نادرة جدا من حيث نوعية المشاركين. • هل من كلمة أخيرة؟ ندعو لعودة الشباب لإسلامهم، لأنه الذي يصنع الإنسان الصالح، ونحن لا نقول مواطن صالح، لأن الصلاح يرافق الشخص أينما كان، في وطنه أو في غيره، فالإسلام يصنع إنسانا صالحا يتشبث بالقيم، حيثما وقع نفع، وكل إنسان صالح هو مواطن صالح وليس العكس، لذلك ندعو لتنشئة الشباب نشأة صالحة دينية لتفادي مشاكل الجنس، والمخدرات، التي تجعل من الشاب عالة على المجتمع، بدل أن يكون هو من يفيد المجتمع. كما أشدد على ضرورة توفير الوظائف لشبابنا، حتى يفيدوا أمتهم، لأن لديهم طاقات إذا اعتنينا بها ستفجر خير وبركة وإبداع، وعمل خيري، وقبل أن نعاقبهم يجب أن نعطيهم حقوقهم، ففي الإسلام مبدأ عام الفقير الجائع إذا سرق لا يعاقب، لأنه سرق من أجل الحفاظ على حياته، وهذا ما يحدث مع شبابنا، وأشكر هذه الاستضافة من جزائر الخير.