دخلت الحملة الدعائية لانتخابات 29 ماي الجاري، أسبوعها الأخير، بعدما سعت الأحزاب المشاركة طيلة الأسبوعين الماضيين لاستمالة الناخبين وإثارة اهتمامهم، إلا أن المهمة ظلت صعبة على أغلب الأحزاب التي لم تطرح بديلا عمليا وما ينبئ باحتمال تدني نسبة المشاركة في الاقتراع. واجمع المتتبعون لسير الحملة الدعائية لانتخابات 29 نوفمبر، أن المشاركة القوية للأحزاب والتي وصلت 52 حزبا سياسيا لم تؤدي إلى تعبئة كبيرة في أوساط الناخبين الذين ظلوا متجاهلين للحملة، على اهتمامهم المسجل في الانتخابات التشريعية الفارطة. فقد سجل هؤلاء المتتبعون خلو الحملة الدعائية للمحليات من روح المنافسة، وانعدام مظاهر الجدل السياسي حول البرامج البديلة، إلى درجة أن بعض قادة الأحزاب لم يتمكنوا حتى من صياغة خطاب مقبول من قبل الجماهير أو على الأقل يثير اهتمامهم ويجذبهم نحو الحدث الانتخابي. فباستثناء حزبي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي اللذان يقومان بحملة كبيرة وجدية صارمة، تظهر باقي الأحزاب المشاركة في الانتخابات، مستسلمة للواقع، تتحرك بثقل ينم عن عجز في المبادرة. ولعل المعطيات المتعلقة بالانتخابات تفسر في جانب كبير منها هذا العجز من قبل الأحزاب والتجاهل من قبل المواطنين، فأزيد من 30 حزبا سياسيا مشاركا لم يجهز قوائم إلا في اقل من 100 بلدية من أصل 1541 بلدية، وهناك العديد من الأحزاب لم تشارك إلا بقائمتين أو ما ينيف عنهما بقليل. وهو ما جعل المنافسة في كثير من مناطق الوطن تقتصر على الأحزاب الكبيرة وبالتحديد حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي اللذين يدخلان المنافسة في جل بلديات الوطن ويقومان بحملة كبيرة تعكس رهانها على المحليات كموعد هام في المسار السياسي للبلد وما له من علاقة قوية ووثيقة بالأجندة السياسية المرتقبة في المستقبل المنظور ومنها انتخابات التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة نهابة شهر ديسمبر القادم، والتعديلات الدستورية المراقبة، وحسابات رئاسيات 2014 . في مقابل ذلك لم تتمكن الأحزاب الصغرى علاوة على عجزها عن إعداد قوائم في كل بلديات الوطن ولا حتى نصفها. لكن هذا ليس وحده ما يميز الحملة الدعائية الجارية، فاغلب الأحزاب لم تقدم بدائل عملية واقعية من شأنها استقطاب الناخب وإثارة اهتمامه بالعملية الانتخابية، وتحسسيه بأهميتها في تغيير أحواله نحو الأفضل، فجل الخطابات لم تخل من وعود تفتقر إلى آليات التجسيد الميداني، سيما ما تعلق منها بالمشكلات الاجتماعية المتراكمة هذا في الوقت الذي تزعزعت فيه الثقة بين الناخب والمنتخب المحلي بسبب تصرفات المنتخبين وعدم وفائهم بوعودهم. كل هذه العوامل وأخرى جعلت من المشهد الانتخابي يبدو باهتا، وهو ما جعل البعض يدق ناقوس الخطر حول نسبة المشاركة، إذ يتخوف الكثير من قادة الأحزاب من مقاطعة المواطن لمكاتب الاقتراع، رغم تفاؤل وزير الداخلية والجماعات المحلية دحو ولد قابلية الذي توقع نسبة مشاركة لا تقل عن 45 بالمائة، وهي إذا ما صدقت تعتبر أعلى نسبة حسب الوزير بالنسبة للانتخابات المحلية.