عاشت الجزائر خلال الأيام القليلة الماضية على وقع الزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى الجزائر، وهي الزيارة الأولى إلى الجزائر منذ وصوله إلى قصر الإليزيه، والتي يريد أن يجعل منها زيارة تاريخية، علما أن الرئيس هولاند فضل تأجيل زيارته هذه، التي كانت في الأصل من المفروض أن تتم مباشرة بعد انتخابه رئيسا لفرنسا، وذلك لتفادي أن تتزامن مع الاحتفالات بالذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر. وينتظر أن يصل اليوم هولاند الذي سيكون على رأس وفد يضم وزراء وعددا من كبار رجال الأعمال ، وسيجري سلسلة أولى من المحادثات مع نظيره الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، وسيلتقي بعد ذلك مع الجالية الفرنسية في الجزائر، قبل أن يحضر مراسم التوقيع على تسع اتفاقيات تعاون، يرتقب أن يكون من ضمنها اتفاق يخص إقامة مصنع لتركيب السيارات لعلامة فرنسية، وكذا اتفاقية حول تنقل الأشخاص، علما أن باريس تخلت عن مطلب مراجعة اتفاقية الهجرة لسنة 1968. وفي اليوم الثاني من الزيارة يرتقب أن يلقي الرئيس فرانسوا هولاند خطابا أمام نواب البرلمان، والذي ستجتمع غرفتاه العليا والسفلى بهذه المناسبة، وهو الخطاب الذي يرتقب أن يكون تاريخي، وأن يتضمن 'اعترافات' أو 'اعتذارات' بخصوص الماضي الاستعماري لفرنسا، مع العلم أن هولاند كان قد وعد قبل انتخابه رئيسا لفرنسا بتسوية ملف الذاكرة الذي ظل يلغم العلاقات بين البلدين، كما أنه قام بخطوات منذ انتخابه رئيسا للجمهورية الفرنسية، مثل الاعتراف الذي قام بها بمناسبة ذكرى أحداث 17 أكتوبر 1961، بأن الجزائريين الذين سقطوا في تلك الأحداث كانوا ضحايا قمع أمني، كما تم إقرار يوم 19 مارس يوما وطنيا لضحايا حرب الجزائر. وبعد الخطاب الذي سيلقيه الرئيس فرانسوا هولاند أمام نواب البرلمان، سيقوم بزيارة إلى ولاية تلمسان علما أن الرؤساء الفرنسيين السابقين، جاك شيراك ثم نيكولا ساركوزي زارا ولايتي قسنطينة ووهران، في إطار زيارتيهما إلى الجزائر، وخلال وجوده بتلمسان، يرتقب أن يلقي هولاند خطابا آخر داخل جامعة 'أبو بكر بلقايد'. وبالمقابل قرر 13 حزبا سياسيا جزائريا استغلال فرصة زيارة الرئيس هولاند إلى الجزائر، للمطالبة باعتراف رسمي واعتذار عن الجرائم التي ارتكبت طوال فترة الاستعمار الفرنسي إلى الجزائر، والذي دام أكثر من 132 عاما، في حين لم يشر الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة مطلقا إلى هذا المطلب خلال الحوار الذي أدلى به إلى وكالة الأنباء الفرنسية في إطار التحضير لهذه الزيارة. وفي إطار التحضير لهذه الزيارة تعيش العاصمة وتلمسان حالة طوارئ حقيقية، إذ تم الشروع في حملة تنظيف واسعة طالت المدينتين، وينتظر أن تحظى هذه الزيارة بتغطية إعلامية ضخمة، علما أن هناك العشرات من الصحافيين سيرافقون هولاند ، بالإضافة إلى الصحافة الأجنبية المعتمدة في الجزائر، والصحافة المحلية. ويعول الطرف الفرنسي كثيرا على هذه الزيارة من أجل فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، خاصة وأن هذه الأخيرة مرت بفترات توتر خلال حكم الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، رغم أنه بدأ حكمه بزيارة إلى الجزائر وصفت بالناجحة، قبل أن تدخل العلاقات مرحلة توتر واضطراب، والتي استمرت إلى غاية رحيل ساركوزي عن قصر الإليزيه، علما وأنه من نتائج هذا التوتر، هو إلغاء الزيارة التي كانت مبرمجة لبوتفليقة إلى فرنسا، بينما تتطلع السلطات الجزائرية أكثر إلى الشق الاقتصادي، وتعول على أن تلعب السلطات الفرنسية الجديدة على حث المستثمرين الفرنسيين لدخول السوق الجزائري.