سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
العزلة و الإنطوائية و التحرش الجنسي أكثر ما يعاني منه المعاق و يبق المجتمع يتحمل المسؤولية في اطار حملة تحسيسية بالبليدة ..مختصون حذروا عائلات المعاقين من الخجل الاجتماعي
الكثير من العائلات تعاني من الخجل الاجتماعي بسبب اعاقة واحد من افراد الأسرة وهو الأمر الذي يمنع أبناءهم ذوي الإعاقة من التأهيل الاجتماعي ، و هو ما يجعلنا نتساءل حول أسباب هذا الخجل الذي يزيد من عزوف اسر المعاقين للجوء لمراكز ذوي الاحتياجات الخاصة و الذي حذر منه الكثيرين من الأخصائيين النفسيين و الاجتماعيين لمخالفاته و أثاره السلبية على نفسية المعاق و ادخاله في دوامة العزلة و العيش في انطوائية عن الآخرين ،خاصة مع غياب الثقافة التربوية في تعامل المجتمع مع المعاق و الذي يحتاج منا كل الدعم و الرعاية حتى يتغلب على الإعاقة . الخجل من الإعاقة يزيد من عزلة المعاق و اندماجه إجتماعيا و في هذا الصدد انتقلت جريدة "المستقبل العربي" الى البليدة أين نظمت احدى الحملات التحسيسية حول مستقبل المعاق في ظل المعيقات و الحواجز التي تصادفه أين التقينا بخبراء في هذا المجال و أخصائيين أكدوا لنا أن الكثير من المفاهيم من الواجب ان تغير في ذهنيات المجتمع الذي يعرف نوعا من التغيير حول ما هو ايجابي و الانفتاح عكس ما كان عليه سابقا ، إلا أن هذا لا يعني ان هذه الفئة لا تزال نوعا ما مهمش خاصة مع قلة المراكز التأهيلية وهو النقطة السلبية التي لا تخدم اسر المعاقين ، و يبق السبيل الأمثل لمد يد العون لهذه الفئة تكاثف جهود الأسر و الجهات المعنية لإعطاء من قدر الله لهم أن يعيشوا بإعاقة حقهم في الحياة ، و يبق على المعاق أن يتحدى الواقع و يسلم أمره لله و الرضا بأحكامه وهي الخطوة الأولى التي تساعده على الاندماج مع متغيرات المجتمع بدلا من الانعزال و الخجل من المحيط الإجتماعي ، و من بين الحضور تحدثنا الى "سامي" شاب في مقتبل العمر يبلغ 20 سنة مصاب بشلل على مستوى الساقين الأمر الذي جعله جليس الكرسي المتحرك أبدى امتنانه الشديد لمن يولون اهتماما لفئة ذوي الإحتياجات الخاصة خاصة أن هذه الحملات التحسيسية و الندوات بقدرها أن تبعث الإرتياحية في قلوبهم و تزيد من وعيهم و توجيههم في كيفية مواجهة الإعاقة حيث يقول : " أثمن جدا هذه الخطوة التي يسهر عليها هؤلاء المختصين و الدكاترة فهو أمر ايجابي نستفيد منه كمعاقين و فيه توعية للمجتمع الذي كثيرا ما يرمقنا بنظرات الشفقة التي لا نريدها قدر ما نريد ان نكون كغيرنا من البشر قادريين على العطاء لا انتظار نظرات الرحمة " سهولة الإيقاع بهم جعلتهم فريسة المتحرشين جنسيا كما تطرق الأخصائيين الى موضوع جد حساس تتعرض له هذه الفئة بالذات لعدم قدرتهم على المواجهة و سهولة الايقاع بهم و التي تدخلهم في متاهات الصمت و اعتناق الأمراض النفسية في ظل ما يتعرضون له من تحرش جنسي هي الظاهرة التي مست الأصحاء و لم يسلم منها حتى المعاقين مما يجعلنا نتساءل عن مستقبل هؤلاء مع استفحال أصحاب الضمائر الميتة الذين تغلبت عليهم غرائزهم الحيوانية التي طالت أجساد من يحتاجونا منا الرفقة و الحنان الذي ينسيهم وجع الإعاقة ، أم "مراد" كانت من بين الحاضرات خرجت عن صمتها و تحدثت عن ما تعرض له ابنها البالغ من العمر 14 سنة المصاب بالتوحد هذا الأخير تعرض في سن صغير الى تحرش جنسي من قبل أحد أفراد عائلته مما جعلوه يهاب كل من يقترب اليه و يبدي تصرفات عدوانية تجاه الغرباء لولا وقفة الأسرة الى جانبه التي عملت على احتوائه بحنانها و عطفها بعدما ان اكتشفت الام ان جسد فلذة كبدها قد طالته أنفس خبيثة ، تحدثنا معها حول مستقبل اعاقة ابنها تقول : " لن أخجل بإعاقتي ابني و سأتحدى به العالم و سيحاسب كل من أراد أذية له خاصة أنه مسالم و محب كغيره من البشر و لكن للأسف أضحوا يستقوون على هذه الفئة و جعلوا منها فريستهم ، فكثيرون على غرار ابني يعيشون نفس الحالة أمام صمت أولياءهم و هو الخطأ الفادح الذي قد يرتكبه أي والي في حق ابنه بل بالعكس الخروج ومواجهة الواقع هو السبيل الواحد لمحاسبة هؤلاء و ايقاف ممارستهم الشنيعة في حق فلذات أكبادنا ." للأسرة ووسائل الإعلام دور محوري في ترسيخ ثقافة الإهتمام بالإعاقة و في هامش المحاضرة تطرق الأخصائيين الى الدور الجوهري الذي تلعبه الأسرة في حياة ابنها المعاق و شددوا على ضرورة توفير لهم المناخ المناسب و كل أساليب الرعاية اللأزمة بدءا من استخدام تقنيات الحوار و فسح لهم مجال التعبير عن أرائهم و أفكارهم ، الأمر الذي يزيد من قوة ذلك الرابط الأسري الذي يبعث في نفسيتهم الثقة و الإرتياحية التي تدفعهم الى مواجهة الواقع و تشعرهم بأنهم ليسوا ثقلا على العائلة ،و في هذا الاطار تقول الاخصائية النفسية "ن.أمينة" أن على الأولياء معرفة التعامل مع ابناءهم المعاقين بشكل طبيعي و بمشاعر حميمية حتى يتفادى المعاق الاحساس بتلك المشاعر التي تجعله يحس بنوع من التقصير منهم كما عليها أن تجد نقاط القوة فيها و العمل على تنميتها في محاولة لإكتشاف المواهب المخفية وراء الاعاقة كما أن زرع الثقة في نفسيتهم من الأمور اللازمة التي تساعدهم على التخلص من تلك العقد النفسية ." ، و أما الأستاذ "بورتيلة محمد" المختص في علم الإجتماع فقد أشار الى تأثير العادات و التقاليد على تفاقم حدة الخجل الاجتماعي من الاعاقة و التي جعلت الكثير من الأسرة تتكتم عن اعاقة ابنهم و تمنعهم من الخروج للشارع و تخفيهم عن الجيران تفاديا لأن يعرضهم ذلك للحرج خاصة أن الكثيرين يرفضون الزواج من اسر بها طفل معاق خوفا من انجاب طفلا معاق" ، و من جهة أخرى أشار المختصون لأهمية الإعلام في استئصال مشكلة الخجل الاجتماعي من خلال ما تقدمه من مادة اعلامية للمشاهدين في حصصها التلفزيونية و برامجها التوعوية و التي تستطيع ان تخدم هاته الفئة و معالجة تلك النظرة الخاطئة و السلبية التي يعيش على افكارها الكثير من الأسر ، و يتأثر بها من به إعاقة و الذي من الواجب أن توفر له كل الإمكانات اللازمة . الرقية الشرعية لا تصلح للمصابين بالتوحد و في نهاية المحاضرة ، أشار الأمام "لعروسي موسى" الى أن الرقية الشرعية ليست حلا لأصحاب الإعاقة و المصابين بالتوحد و التخلف العقلي باعتبارها امراض وراثيا ، فالكثير من الاسر تتبع العادات و التقاليد دون وعيهم لخطورة ذلك على صحتهم فقد تزيد من عزلتهم الإجتماعية ، فالحل مع هذه الفئة ليس بالرقية بل بيد مد العون و الرأفة بهم و العمل على تكييفهم في المجتمع و احتوائهم ليكونوا أفضل قدوة للمعاق عندما يتحدى الإعاقة ، و في هذا السياق تقربنا اليه و أكد لنا أن ديننا الحنيف كان حريص جدا على حماية حقوق المعاق فالرسول عليه الصلاة و السلام كان صاحب معاملة حسنة و مميزة لأصحاب الإعاقات وهو ما تمشى به الصحابة بعده و ساروا على دربه فعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أمر لكل كفيف بموظف يقوده و يرعاه أما الوليد بن عبد المالك الخليفة الأموي فهو صاحب فكرة انشاء مراكز و معاهد لذوي الإحتياجات الخاصة و في سنة 707 م قام بإنشاء واحدة للمعاقين و خصص لهم اطباء و مشرفين و كذا مبالغ مالية تغنيهم عن اللجوء للناس، و يحذر متحدثنا اهمال المعاق و عزله و حرمه من حقوقه في الحياة و اعتبر التعدي على هذه الفئة و اساءة جرم لا يغتفر و يحاسب صاحبه عليه يوم لا ينفع الندم ."