السلطة لا تكافح الفساد بقدر ما تحارب المنظمات المنددة به يرى رئيس الجمعية الجزائرية لمكافحة الفساد جيلالي حجاج أن فضيحة سوناطراك التي تشير الأنباء إلى تورط مدير شركة إيني الايطالية في الجزائر في دفع رشاوى إلى وزير الطاقة والمناجم سابقا شكيب خليل ومساعديه شوّهت صورة الجزائر عالميا وزادتها ضبابية بالنسبة للمستثمرين الأجانب . وأكد حجاج في تصريح ل"إيلاف" أن "دولا أجنبية فتحت تحقيقات حول تورط شركات متعددة الجنسيات في فضائح بالجزائر، غير أن العدالة الجزائرية لم تحرك ساكنا، على غرار قضية ''سيمانس وإيركسون'' وبعدها قضية ''اس أن سي لافلان''، و تابع رئيس جمعية الفساد أن حقيقة عيش نصف سكان الجزائر في فقر منذ 50 سنة من الاستقلال في دولة غنية بمواردها البشرية والطبيعية وتاريخها، و بالمقابل يظهر أغنياء جدد من محيط السلطة، يد ل على وجود عدة ثغرات في اقتصاد الجزائر ، و خص المتحدث قطاع المحروقات الذي يمثل حوالي 97 بالمائة من مداخيل الجزائر. و أكد حجاح "هناك ثقافة ريعية حقيقية أتاحت جمع الأموال بصفة غير شرعية وسهلة"، واعتبر أن" الفساد في الجزائر ليس فقط مسألة اقتصادية ولكنها سياسية في عمقها". مجلس المحاسبة والمفتشية العامة للمالية كيان بلا روح... ! وأشار حجاج في حديثه إلى أن "آليات محاربة الفساد في الجزائر بدت هشّة ودون فعالية وغير مطبقة، واتضح أنّ السلطة لا تكافح الفساد بقدر ما تحارب المنظمات والمناضلين المنددين بالفساد، كما أن الأجهزة التقليدية التي وضعت في هذا الشأن، ظهرت صورية". ويتساءل حجاج عن "دور مجلس المحاسبة والمفتشية العامة للمالية ومراكزها الجهوية، والمفتشيات الوزارية وفرق التحقيق الاقتصادية والمالية للأمن الوطني والدرك ومفتشيات التجارة وقمع الغش ومفتشيات الضرائب وغيرها". والدليل على هشاشة مكافحة الفساد، حسب حجاج، هو أن 'الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد التي استحدثت بموجب قانون 2006، لم تنصب إلا في 2010، وأكثر من ذلك، تبدو غائبة تماما، كما أن المرصد الوطني لمحاربة الفساد تأخر تنصيبه بثلاث سنوات، وبعض نصوصه التطبيقية لم تنشر بعد، كنظامه الداخلي، وهو ما يدل على غياب الإرادة الفعلية للسلطات لمكافحة آفة الفساد، على حدّ تعبيره. الحلّ يكمن في الشفافية وإشراك الإعلام يرى رئيس الجمعية الجزائرية لمكافحة الفساد جيلالي حجاج أنّ محاربة الفساد تقتضي حلولا سياسية، إعلامية، ومزيدا من الشفافية والمراقبة والإصلاح ومشاركة المواطنين وتكريس المواطنة، وإشاعة ثقافة الكل يتحمل مسؤوليته، وتكريس الحريات وانفتاح السلطات على المجتمع، وضع حد للاحتكار السياسي، ثم هدم شبكات الفساد. ويؤكد أنّ تلك الأمور تقتضي وعي السلطات بأنه يتوجب عليها أن لا ترفض التغيير الديمقراطي. وتجدر الإشارة كشف مؤخرا النائب العام لدى مجلس قضاء الجزائر، عن فتح تحقيق في قضية فساد بشركة المحروقات "سوناطراك"، تخص رشى قدمتها شركة "إيني" الإيطالية وفروعها لجهات في الشركة مقابل تسهيلات لمنح صفقات للمجموعة. وكانت تقارير أشارت إلى تورط شركة "إيني" وفرعها "سايبام"، إلى جانب وزير الطاقة الجزائري السابق شكيب خليل ومساعديه المشتبه بتلقيهم رشى وعمولات تقدر ب256 مليون دولار، مقابل تسهيلات في منح صفقات للمجموعة الإيطالية. وكان المدير العام للمجموعة الإيطالية العملاقة إيني باولو سكاروني نفى أي تورط له في القضية، وذلك بعد الإعلان عن فتح تحقيق ضده وضد المجموعة أيضا. وبحسب وسائل الإعلام الإيطالية، يشتبه في أن سكاروني شارك في لقاء واحد على الأقل في باريس بهدف الحصول على سوق تقدر ب11 مليار دولار لشركة سايبم مع مجموعة سوناطراك الجزائرية. ولهذا الغرض، دفعت عمولة سرية بقيمة 197 مليون يورو عبر وسيط إلى مسؤولين جزائريين كبار.