استطاع المؤتمر التاسع لحزب جبهة التحرير الوطني أن يخرج بالحزب إلى بر الأمان، بعدما راهنت أطراف على إمكانية فشل المؤتمر بسبب الخلافات التي حدثت في بعض الولايات قبل انعقاد المؤتمر، وكذا ما حدث خلال انتخابات مجلس الأمة وما صاحبها من لغط داخل الحزب. استطاعت قيادة الحزب أن تخرج بالحزب العتيد إلى بر الأمان، وتنظيم صفوفها من جديد والتحضير للاستحقاقات القادمة، رغم مراهنة بعض الأطراف والتيارات على إمكانية فشل المؤتمر التاسع، فقد أفرزت انتخابات أعضاء اللجنة المركزية أسماء كانت تحسب على التيار المعارض داخل الحزب، وكذا أسماء أخرى لم تكن على وفاق مع الاتجاه الحالي لحزب بلخادم. ورغم المناوشات التي تخللت هذه الانتخابات، استطاعت قيادة الحزب أن تجمع اختلاف الآراء وتقبل قرار الصندوق في رسالة موجهة إلى الذين تحدثوا عن الإقصاء، وبهذا العمل تثبت الجبهة أنها تسير بشفافية، رغم كل الظروف التي يمكن أن تؤثر على سير قافلة الحزب نحو أهدافها. وفي الندوة الصحفية التي أقامها الرجل الأول في الأفلان عبد العزيز بلخادم، أكد للجميع أن جبهة التحرير ستظل وفية لأبنائها والمناضلين فيها، وعليه فإن سياسة الإقصاء ليست من شيم جبهة التحرير. ويرى الكثير من المتعاطفين والمهتمين بحزب جبهة التحرير الوطني، أن ما يحدث من انشقاقات واختلافات داخل بين الافلان أمر طبيعي وعادي. بما أنه الحزب الكبير في البلاد كل الأنظار موجهة نحوه، فضلا عن عدد المنخرطين فيه. وعليه، فإن أي خلاف داخلي أو صراع لا يعدو أن يكون اختلافا في وجهات النظر ليس إلا، بدليل أن عبد العزيز بلخادم أكد في ندوته الصحفية الأخيرة أن الحزب في كامل عافيته وأن ما حدث من مناوشات وصلت حد التشابك بالأيدي، أمر عادي، وهذا ما يظهر أن الحزب العتيد الذي نظم أكبر مؤتمر له باستطاعة قيادته التحكم في الجاذبات بداخله، ويراهن على المستقبل ويحضر قواعده للاستحقاقات القادمة من أجل إثبات جدارته وقوته وهيمنته المطلقة على الساحة السياسية في الجزائر. ويبقى رهان الحزب المنتظر هو التشبيب الذي يظل النقظة السوداء داخل الحزب، بعد هيمنة الحرس القديم على هياكل الحزب وتهميش شريحة الشباب، رغم النية الصادقة للقيادة لمحاولة إعطاء نفس جديد من خلال دماء جديدة يمثلها الشباب لرفع التحدي وتسليم المشعل للجيل الجديد لمواصلة الدرب، خاصة وأن شريحة الشباب في الجزائر صارت بعيدة عن التطلعات السياسية.