مرة أخرى، يكشف بعض رؤساء الأندية ممن مازالت ضمائرهم حية، بأن فرقهم تتعرض للابتزاز والإغراء بهدف ترتيب نتائج مبارياتها، وأن منها من ذهب ضحية هذا التواطؤ الذي فوت على فرق كبيرة فرص التتويج أو أدى بها إلى السقوط، ومع ذلك لا تجد هذه التصريحات أو الصرخات من يتبناها أو يحاول التدقيق فيها لكشف انعكاساتها وخلفياتها الخطيرة... وإذا كان صمت الهيئات الرسمية له ما يبرره في بعض هذه الحالات، في غياب الأدلة كما يقول أهل "الفاف" أو الرابطة، فإن الواقع الذي أفرزته الحوادث الأخيرة في أكثر من مباراة وكذا التصريحات الأخيرة لأكثر من رئيس ناد، قد تكون مدخلا لفتح أكثر من قوس، يجب على "الفاف" أو الرابطة أن تتعامل معه بأكثر واقعية وجرأة، لعل في ذلك ما يخفف من وطأة ما يحدث في الخفاء من ترتيب للنتائج أو شراء للذمم ورهن للحظوظ، وغير ذلك من الممارسات التي أصبحت تحدث على المكشوف دون أن تردعها قوانين أو لوائح. و يبدو أن إقدام إدارة اتحاد سطيف على طرد جميع لاعبي تشكيلة أكابره، بحجة ترتيب نتائج مباراة مولودية باتنة، لا يعد في رأي الكثير من النقاد شأنا يهم الاتحاد وحده، بقدر ما هو موقف جرىء يجب التعامل معه بموضوعية من قبل الجميع، لفتح تحقيق مسؤول وشفاف من قبل "الفاف" والرابطة و الوصاية، وإحالة المتهمين في القضية على العدالة، مثلما يحدث في الكثير من البلدان التي تعيش مثل هذه الحالات.. وفي حالة كهذه، لا أظن أن مسؤولي اتحاد سطيف أغبياء إلى الدرجة التي يتصورها البعض، فهم على الأقل برأوا ذمتهم مما حدث من غش وتدنيس وإساءة للعبة، ليرموا بالكرة في معسكر الهيئات المختصة، التي يجب أن لا تبقى في معزل عما يدور حولها، فهي ومهما تهربت من مسؤوليتها، تبقى في نظر الرأي العام المتهم الأول، لأن صمتها قد شجع على استفحال ظاهرة البيع والشراء وترتيب النتائج، بل وأدى إلى إيقاف أناس متلبسين في محاولات إرشاء. إن استمرار هذا المسلسل الدرامي الذي تشهده كرتنا، قد أدى في الواقع إلى بروز ردود أفعال عكسية، من خلال شغب الانصار الذي تجاوز حدود المنطق، والذي جاء في كثير من الأحيان في شكل تنديد بما يحدث، على غرار ما حدث في بجاية في أعقاب مباراة مولودية بجاية مولودية العلمة، التي قيل أن رائحة التواطؤ فيها قد سدت منافذ نفق خراطة، أو ما حدث في تلمسان أو حمادي أو أرزيو وفي ملاعب الأقسام الدنيا، التي تستباح فيها الروح الرياضية أسبوعيا. كما جاءت انعكاساته سلبية أيضا على مشاركة أنديتنا الكبيرة في مختلف المنافسات التي دخلتها وخرجتها مبكرا، أو في نتائج منتخباتنا التي تدفع ثمن مشاركة عناصرها في بطولتنا المغشوشة و تنهزم حتى أمام أضعف جيراننا.. قد تكون هذه الأمثلة كافية لتحفيز أهل الحل والربط على التحرك في الاتجاه الصحيح، حتى لا تعطينا كل الممارسات التي تحدث، أبطالا من كارطون وترهن حظوظ نخبتنا الوطنية في المحافل الكروية العالمية التي تنتظرها.. وعلى الجميع أن يدرك بأنه لا يمكن للكرة الجزائرية أن تتأهل مرة أخرى إلى نهائيات كأس العالم أو كأس إفريقيا من خلال منتخب يولد من رحم بطولة تحوم حولها كل الشوائب. وفي كل الحالات، فإن ما يجب أن يعرفه أهل "الفاف" أو الرابطة، هو أن ما يتردد هنا وهناك لا هو بفلكلور ولا بمسرحيات ولا بخزعبلات أو خرجات صحفية، بقدر ما هو ترجمة لأشياء تحدث مع نهاية كل موسم كروي، دون أن تجد من يملك الجرأة والشجاعة الأدبية لردعها، وبالتالي استخلاص العبر منها، ويكفي القول أن نتائج البطولة المغشوشة نلمسها في وجودنا خارج الأضواء في كل مرة، أليس في هذا ما يعزز قول الذين خرجوا عن صمتهم ونبهوا إلى كل ما يحدث من ترتيب للنتائج؟