ثالوث الانتحار... الشنق، الحرق والغرق يفتك بمواطني سكيكدة عرفت السنة الماضية ارتفاعا مقلقا في عدد الأشخاص المنتحرين، أو في محاولات الانتحار، وترجع هذه الظاهرة حسب العديد من المختصين النفسانيين والاجتماعيين لعدة أسباب، تتأرجح بين الظروف المعيشية المتدنية، الحڤرة والبيروقراطية التي استفحلت في كل دواليب الحياة وغيرها في مجتمع يحمل بين طياته تناقضا صارخا. كشفت أرقام مديرية الحماية المدنية بتسجيل أكثر من 20 حالة انتحار منذ جانفي والى غاية يومنا هذا عبر مختلف بلديات ودوائر ولاية سكيكدة، لتؤكد هذه الأرقام وتوزعها عبر العمق السكيكدي، خطورة هذه الظاهرة الغريبة عن المجتمع، الذي كان يوصف بالمحافظ. كما أن نوعية المنتحرين كانت عبارة عن "موزايك" من مختلف الأعمار والمستويات الاجتماعية، وطرق الانتحار اختلفت باختلاف الأشخاص، فمنهم من قام بإضرام النار في جسمه بعد أن صب عليه البنزين، وحالة أخرى بمادة الديليون بحي بوعباز، فيما حاول شاب الانتحار برمي نفسه من الطابق الثاني بسكيكدة، ومنتحر آخر بالقل قام برمي نفسه من عمارة وعمره لا يتجاوز 38 سنة. كما تم العثور على كهل يبلغ من العمر 52 سنة مشنوقا داخل منزله بواسطة حبل بمفرزة رقم 2 ببلدية صالح بوالشعور. وكان للفشل في المجال الدراسي وقصص الغرام دور في تفشي ظاهرة الانتحار بالوسط الشباني، فقد عرفت الإقامة الجامعية للبنات بالحدائق بسكيكدة مثل هذه المحاولات، إذ حاولت طالبة في العشرين من العمر الإلقاء بنفسها من الطابق الثالث لمبنى الإقامة، وأرجع البعض تلك المحاولة اليائسة من قبل من يُفترض فيهن بناء مستقبل الجزائر العلمي إلى الدوافع المتمثلة في الصعوبات الدراسية والمشاكل العاطفية. وعلى العموم، لا يمكن حصر كل المحاولات التي تعددت حالاتها واختلفت مسبباتها، فمنهم من صعد عمودا كهربائيا مهددا بالانتحار وهو كهل يقارب 50 سنة، قدم من حمادي كرومة إلى وسط المدينة جهة ساحة الحرية، عازما على وضع نهاية لحياته، إلا أن تدخل مصالح الحماية المدنية حال دون تحقيق مبتغاه، وذلك للمشاكل الاجتماعية التي يمر بها هذا الأخير، الذي سئم تقلبات الزمن؛ أو كصاحب الكشك الذي هدد بلدية سكيكدة بالانتحار بحي 700 مسكن، إذا ما نفدت مصالح البلدية قرار هدم كشكه، حيث صعد إلى سطح المحل وأحضر قارورتي غاز في محاولة منه لاعتراض سبيل تلك المصالح، وإرغامها على وقف عملية التهديم. وقد كان للجنس اللطيف الرصيد الكبير في هذه المحاولات، منها التي كان مصيرها الموت المحقق، والقليل من تلك المحاولات باءت بالفشل، وأخطر المحاولات كانت بطلتها تلك السيدة التي أبحرت بمعية ثلاثة من أطفالها في ريعان الشباب، ابنتها الكبرى لا تتجاوز 10 سنوات، كادت أن تجهز على أطفالها انتحارا، لتنتحر هي فيما بعد بشاطئ سورة، ولحسن حظ الأطفال أن أحد الأشخاص كان بالقرب من الشاطئ وشاهد المنكر بعينيه ليتصل بالحماية المدنية التي هرعت لعين المكان وأوقفت الكارثة. فمن الشنق، إلى الحرق، إلى الغرق، وابتلاع أسلاك كهربائية وملاعق حديدية، أو تناول أدوية خطيرة أو سوائل مميتة كلها وسائل لوضع حد للحياة، بأسرع وقت ممكن، أضحت مظاهر متباينة نتيجتها واحدة هي الانتحار قد أخذت في الانتشار في العديد من قرى وبلديات سكيكدة، فمن أقصى مدينة سكيكدة، بالقل، بني زيد، تمالوس، بين واليدان، مرورا بالحروش، صالح بوالشعور، رمضان جمال، إلى شرق سكيكدة بكل من عزابة وبن عزوز.