إن تطور الخدمات الإعلامية ونظام المعلوماتية بالجزائر، أجبر الشباب على ضرورة التعامل مع هذه التكنولوجيا الحديثة، وكذا الاستفادة منها، وقد أصبح عالم الانترنيت مجالا واسعا للبحث والمعرفة والتعارف بالنسبة للشباب الجزائري. غير أن البعض لو حاول أن يستثمر في الشبكة العنكبوتية لصالحه ويستفيد منها على المستوى العلمي، نجد البعض الآخر أصبح يشكّل خطرا كبيرا على عقليته وطريقة تفكيره وسلوكياته، خاصة مع انتشار "الشات"، وهو مجال يسهّل عملية التواصل بين الجنسين دون حدود، وتوفر الدردشة بالصوت والصورة، الأمر الذي هدد المقومات التربوية والأخلاقية للشباب، في ظل غياب سياسة توجيهية أو مراقبة مستمرة لما يعرض أثناء الدردشة من أفكار وصور ومواقع لاأخلاقية لا تتماشى مع حضارة البلدان العربية والإسلامية. الروتين والفراغ هما مسببات الظاهرة ولكي نعرف الأسباب والدوافع التي أدت إلى استفحال الظاهرة، قمنا باستطلاع مع بعض الشباب، أين أكد "السعيد.خ" 32 سنة أن سبب مداومته على مقاهي الإنترنيت قصد الدردشة، هو الفراغ الذي يعاني منه، نفس الشيء مع الشاب "الحواس.ك" 25 سنة، الذي يجد في "الدردشة" ملاذه الوحيد بسبب الفراغ الذي يعانيه جراء البطالة. وجهة نظر "إيمان.خ" 23 سنة، لا تقل عن الآخرين؛ إذ أن قصدها للدردشة يعود إلى الفراغ الذي تعيشه والروتين الذي لا يتغير، فبرأيها إنه كل يوم تصادف نفس الوجوه والأعمال وغيرها، فلا جديد يذكر. وبحسب ما قاله الشباب، فإن المقصد من "الشات" هو التعرف على فتاة أجنبية قصد الزواج وإنقاذ الشاب من معاناته اليومية مع التهميش والبطالة وغيرها، غير أن معظم ما يدور أثناء الدردشة في الشبكة العنكبوتية كله كذب، بالإضافة إلى إرسال وتبادل صور خليعة، وهذا ما أكده لنا "سليم.ب" 38 سنة، وهو مشرف على مقهى للانترنيت، بأن غالبية الشباب يأتون إلى المقهى ويلجون المواقع الخاصة ب "الشات"، وحتى المواقع الجنسية، ويجلسون لساعات، بل هناك من يقضي "ليالي بيضاء" في الدردشة، لأن السعر منخفض في المساء. الدردشة وسيلة للزواج لدى بعض الشباب بالإضافة إلى عامل الفراغ، يتعلق مجموعة من الشبان والفتيات ب "الشات" أملا في التعرف على أجنبي أو أجنبية من أجل الحصول على تذكرة إلى النصف الآخر من العالم. وتؤكد "فوزية.م" 25 سنة، أن أغلب الفتيات اللواتي يقصدن الدردشة يبحثن عن أزواج، خاصة والجزائر تواجه شبح العنوسة، وتؤكد "سارة.ف" 19 سنة أن الشباب الذين يتعاطون الدردشة يبحثون عن أزواج، وربما نجاح البعض في ربط علاقات عبر الدردشة وتكللت بالزواج، وبعدها الوصول إلى مبتغاه، حافزا للآخرين، لعل الحظ يبتسم لهم. شباب يستعمل الدردشة بالمنطق الإيجابي بقدر ما يكون "الشات" عند البعض وسيلة للترفيه وتمضية الوقت وسد الفراغ، بقدر ما يوجد شباب يستعملها للاستفادة منها في إطار إيجابي، مثل كسب أصدقاء جدد من مناطق مختلفة، والتعرف على عاداتهم وثقافتهم، والحوار معهم حول مواضيع متعددة بهدف تبادل الأفكار فيما بينهم وتبادل الآراء، ونشر الوعي بين الشباب ودعوتهم إلى الطريق المستقيم. وعليه، أصبح من الواجب سن سياسات تربوية وتوجيهية قبل ولوج عالم الدردشة بجميع أشكالها، ومراقبة الآباء لأبنائهم وتوجيههم نحو الاستمرار الإيجابي لهذه الوسيلة الذي صار لزوما، والعمل على تشديد الرقابة على مواقع "الشات" وقيام مصالح ومديريات وجمعيات بحملات توعية في صفوف الشباب للحد من عواقب تعاطيهم للدردشة وإدمانهم عليها بشكل سلبي.