أصبح رمضان الكريم عند البعض من المهووسين بالطعام، مصدر خوف.. الخوف من الجوع والعطش، وهاهم منذ الآن، بل قبل الآن، يعبئون أنفسهم والناس بأفكارهم الشاذة عن الجوع في شهر رمضان، والعطش، خاصة أنه سيمر علينا هذا العام صيفا، وسيكون قاسيا على حد قولهم، ويذهبون إلى أبعد من ذلك، بالترخيص لأنفسهم بالأكل والشرب اتقاء العطش و الجوع لأن النهار ممتد الأطراف، ثم ها هي الحكومة تسير في نفس سياق هؤلاء المهووسين بالطعام و الشراب، وتعمل جاهدة أن تلبي طلباتهم غير العادية بتوفير الطعام مستوردا بالعملة الصعبة، ومن بلدان مختلفة، ويركزون جهودهم المضنية، ويسخرون أموال الدولة المباحة، لإشباع رغبة البطن الجامحة..عجبا لهذا المنطق الجديد الذي يجعل من الأمور العادية أمورا خارقة، خارجة عن نطاقها الطبيعي، وعجيب أمر الناس، يتهيأون لهذا الموسم المبارك بكل شيء سوى بما يجب. شهر جعله الله رحمة للناس يطهرون به أنفسهم من خطايا الأشهر السابقة التي ارتكبوها في حق أنفسهم و في حق غيرهم، هاهم يجعلونه شهرا لاستباحة كل الخطايا، ابتداء من التقليل من العمل والتكثير من السهر واللعب.. إلى اللهفة على الطعام، فيسرفون و يبذرون، ثم يقولون بركات رمضان.. أين البركات والمزابل تمتلئ بمهملاتهم التي تنطق صارخة بجرمهم؟ ألا عودوا إلى الطبيعة، وصوبوا اعوجاج تفكيركم، فقد مالت بكم الطريق نحو الوجهة التي لن تجدوا معها بر الأمان، ولتكونوا أسيادا على كروشكم اللهفانة، بدل أن تكون هي سيدة عليكم، تملي عليكم رغباتها التي لا تقف عند حد! إنه ليؤلم أن نرى أنفسنا تتجه إلى الضياع، وننظر إليها عاجزين وكأن الحل بعيد عنا!