ذلك هو السؤال الذي ختم صديقي الأستاذ به كلامه، قال لي منتقدا بنوع من التهكم، ظاهرة منتشرة في بلادنا بشكل فظيع على حد تعبيره: "لا نحتاج اليوم للذهاب إلى السوق لاقتناء للتبضع، فأينما وليت وهتك، تجد سوقا، بل أسواقا، يباع فيها كل شيء من الإبرة إلى البقرة، وأنت عائد من عملك، تجد في طريقك، سواء كانت الطريق وطنية أو ولائية أو فلاحية، أو حتى سريعة، مزدوجة الاتجاه، تلاحظ باعة يرصفون بضائعهم على جانب الطريق، هذا يبيع الخبز وذاك يبيع الفاكهة وآخر يبيع خضرا متنوعة، ولا تستغرب إن لاحظت وجود من ألبسة، وأواني منزلية، ولعب الأطفال، فهؤلاء الباعة، "علماء" في مجالهم، يعرفون أن المسافر "ضعيف" أي أنه لا يرفض لنفسه طالبا عندما تنزع لشيء، فلذلك اقتسموا مهمة استغلال هذا الضعف، بالانتشار الكثيف، بحيث من سلم من الفخ الأول، لن يسلم في التالي، فنفس المسافر، ملحاحة، لا تهدأ حتى يرضخ لها صاحبها.. قاطعته قائلا: ولكن النشاط الذي يقومون به غير قانوني، وفيه خطر على مستعملي الطريق... قال: "أنا لم أنظر إلى هذا النشاط من هذه الزاوية، ما كنت أريد الإشارة إليه، هو هذه الطاقة من الصبر الكامنة في نفوس هؤلاء الشبان، الذين يخضعون يوميا لامتحان التحمل ساعات طوال.. هذه الطاقة التي تهدر من أجل دريهمات تسد الرمق.. هي هذه المسألة التي يجب على الدولة التفكير فيها بطريقة علمية، فهؤلاء شبان يسعون، والسعي ليس حراما، ما دام لا يتعدى على حقوق الناس، والعمل على تأطير هذا السعي بطرق علمية تؤدي إلى النتائج المرجوة. وأعتقد أن فكرة المحلات التي توزع على الشبان في إطار برنامج الرئيس، تسير في هذا الاتجاه، ولكن.. ما تشهده من تعثر لأسباب متعددة ومختلفة، تجعلنا نراوح مكاننا، وسنبقى دائما نشاهد هذه الظاهرة بتوسع أكبر.. أم أنا مخطئ؟