لست أدري لماذا يصر المغرب على أن يجعل قضية الصحراء الغربية قضية بين الجزائر والمغرب، وكأنها أرض يتنازعانها بينهما للاستيلاء عليها، والحقيقة والواقع يقول بأن المغرب هو المحتل، وهو الساعي إلى التوسع منذ أن استقلت الجزائر باعتدائه على الحدود الجزائرية سنة 1963 بغية الاستيلاء على الجهة الجنوبية الغربية، مستغلا ضعف الجزائر الخارجة من استعمار وحشي، غير أن الشعب التف حول القيادة، ورد العدوان. وكانت أطماع المغرب كبيرة، تمتد إلى الصحراء الجزائرية، وكانت الخريطة المغربية الموسعة جنوبا وشرقا تدرس في المدارس. فالتاريخ يكذب كل ادعاء للمغرب عن نوايا الجزائر التوسعية، وكل ما نعرفه عن مواقف الجزائر الثابتة، منذ الاستقلال إلى يومنا هذا، هو أن الجزائر كانت دائما مساندة للحركات التحررية في العالم وكانت قبلة للثوار، من أمريكا وأفريقيا وآسيا، فكيف لا تحتضن ثوارا من جيرانها، الباب بالباب، لمناصرتهم في قضية ما كانت لتكون لولا خبث اسبانيا، التي سلمت الصحراء للمغرب كعظمة في فمها تعيقها عن المطالبة بالأراضي التي تحتلها في عقر دارها، سبتة ومليلة. إن قضية الصحراء الغربية، قضية استعمارية، باعتراف المواثيق والهيآت الدولية، وها هو ذا المغرب يجعل من نفسه المستعمر التقليدي الأوحد فوق المعمورة، وها هي ذي أرض الصحراء الغربية، الأرض الوحيدة في العالم التي مازالت ترزح تحت الاستعمار الاستيطاني.. فلو كانت مطالب المغرب مشروعة، لما سعى منذ خروج اسبانيا، أن يقتسم الصحراء بينه وبين موريتانيا، التي انسحبت فيما بعد، بعدما تبين للموريتانيين أن المغرب توسعي وله أطماع لا تقف عند حدود الصحراء الغربية، بل تتعداها إلى ضم موريتانيا ذاتها وجزءا من السنغال!! فلماذا يريد المغرب أن يمسك "سابعه" بطريقة أنانينة لا تنهي لعبة الدومينو التي خسرها أصلا، و محاولته المراوغة باقتراح الحكم الذاتي الذي لا يخرج الصحراء الغربية من سلطة المخزن.. ومناوشة الجزائر لجرها لحرب حقيقية تلهب المنطقة كلها، وهي في غنى عنها؟