تمتاز ولاية سوق أهراس بتنوع نشاطتها الحرفية كالنجارة والنقش على الخشب، وصناعة الآثاث المنزلي، والتي تجذب الكثير من المعجبين من مختلف الولايات المجاورة، حيث لعبت المؤسسات الحرفية دورا هاما في الحفاظ على الطابع الثقافي للولاية فالصناعات الحرفية ورثها أبناء المنطقة أبا عن جد، مثل صناعة النحاس والنقش على الخشب إضافة إلى بعض الحرف اليدوية التي تمارسها النسوة في المنزل. ولكن واقع هذا النشاط التقليدي أصبح ينذر بزواله في القريب العاجل إن لم تتخذ الجهات المعنية التدابير اللازمة، حيث دق الحرفيون ناقوس الخطر بسبب إدبار المواطنين على اقتناء المنتجات المحلية وإقبالهم على المنتجات المستوردة من آسيا، وتركيا. وتعرف محلات الآثاث المنزلي المصنوع يدويا بمدينة سوق أهراس تراجعا مستمرا على مستوى المبيعات، مما أدى ببعض الحرفيين إلى تغيير نشاطهم التجاري وبالتالي القضاء تدريجيا على هذا الموروث الذي طالما إشهرت به الولاية خصوصا النجارة، إذ تهددها المنافسة الشديدة التي فرضتها سلع مستوردة وقد رصدنا واقع محلات بيع الآثاث المنزلي المصنوع في ورشات النجارة والمنتجات التقليدية بهدف المقارنة بين أسعار سلع المنتوج المحلي والمنتوج الأجنبي المستورد، وأثناء تجوالنا في شارع كان يحتضن سابقا عددا كبيرا من هذه الورشات، إلا أنه حاليا فقد تلك الميزة التراثية، حيث صار عدد المقاهي والمطاعم وكذا محلات بيع الوجبات السريعة يفوق بكثير عدد المحلات التقليدية وورشات النجارة، واتضح لنا سر غلق بعض المحلات والورشات حيث كان الفرق الأساسي يكمن في الثمن لا في الجودة. فسعر الخزانة المصنوعة بالخيزران يراوح بين 60 ألف دينار و90 ألف دينار بينما سعر أغلى خزانة صينية 30 ألف دينار،ما جعل الزبون يختار الأقل كلفة، وهو الأمر الذي ترتب عليه تكدس المنتوج القليعي والذي يعتمد في صناعة على أجود أنوع الخشب وعلى أنامل حرفيين والذين تتميز بصمتهم الفنية التي أكسبتهم كفاءة عالية في اللمسات الأخيرة التي تتميز بدورها بدقة النقش على أطراف الخشب. وتشير بعض المعطيات إلى تقلص عدد الحرفيين الذين يزاولون تجارة الآثاث التقليدي بسوق أهراس إلى ثلاثة فقط ويقول أحد الزبائن التقيناه داخل أحد المحلات القليلة المتبقية أنه يفضل شراء هذا النوع من الأثاث التقليدي بدل الآثاث الصيني "طايوان" مثلما أسماه السيد لكونه يملك قيمة تاريخية، تحافظ على تراث المنطقة وتضمن للآجيال القادمة إستمرارية التمسك بالتقاليد والتراث.